بغض النظر عن سنوات عمرك وبغض النظر عن عمق تجربتك فى الحياة أو بساطتها، وبغض النظر عن مستواك التعليمى أو الثقافى، وكذلك بغض النظر عن تفاوت مستواك المادى أو الاجتماعى، وأيضًا بغض النظر عن توجهك السياسى.. فقط إذا كنت مصريًا وتعيش فى هذا البلد منذ 975 يومًا أو عامين وسبعة شهور فيحق لك أن تقرأ هذا المقال لأنك غالبًا وبرغم كل اختلافاتنا ستكون مثلى كررت كل يوم منذ ذلك التاريخ حتى الآن هذه المقولة «ماشى يا مصر، نقطة ومن أول السطر».
ولكنك تكتشف بعد فترة قصيرة أنك مُطالب بأن تعيد القول «ماشى يا مصر، نقطة ومن أول السطر» ثم تعود ثالثة ورابعة إلى أن تجد نفسك مضطرًا لأن تغير بعضًا من العبارة لتقول «ماشى يا مصر، نقطة ومن أول القهر» حتى تستطيع أن تكمل المسيرة وحياتك فى هذا البلد، ودعنى أشرح لك ما قد تكون خبرته ويكون سبب قلقك وشعورك أحيانا بأنك وصلت لحافة اليأس ثم يحدث شىء ما لتعيد نفس المقول.. نقطة.. ومن أول القهر يا مصر.
1 - مهما كان موقعك ومهما كان موقفك فأنت بالتأكيد كنت قبل 2011 تشعر بأن الفساد فى مصر وصل الحناجر وأن الحياة فيها صارت صعبة وأن المستقبل لا يبدو مشرقًا، ولكنك كنت تعيش وتقول قول كل المصريين بكرة تتعدل.. ونقطة ومن أول السطر ثم يمر عام بعد عام فتعود لتقول نقطة ومن أول السطر آملًا أن تتغير الظروف للأفضل.
2 - بعد 12 فبراير 2011 ترك مبارك الحكم وخرجت المدن الكبرى ترقص وشعرت أنك مواطن لك حق وصوت فى هذا البلد وأن المستقبل لك لو كنت شابًا ولأبنائك لو كنت أبًا، ومددت يدك إلى الشوارع تنظفها وعدت إلى بيتك تنتظر وقد لا تكون نظفت الشوارع ولا شاركت حتى فى المظاهرات ولكن بالتأكيد أنك قلت فى نفسك مصر ستدخل عصرًا جديدًا، ولن يكون هناك حاكم إله أو حتى نصف إله، وقد يكون التوتر زارك ولكنك بالتأكيد قلت لنفسك ها هى يا مصر نقطة.. ومن أول السطر.
3 - انتظرت بعض الوقت وأنت تمنى نفسك بأن الوزارة الجديدة برئاسة عصام شرف والشعب الجديد القديم سيدخل عصر التنوير وأن كل مسؤول سينتبه جيدًا لمطالب الحق والعدل، فإذا بك تجد وزارة مرتعشة لا تصد ولا ترد وشعبا قالوا إنه أبهر العالم فإذا بك تجد نفس هذا الشعب تفسخ وانفرط عِقده وسار كلٌ يغنى على ليلاه.
4 - يأتى موعد الانتخابات البرلمانية فتسعد كمواطن لأنك أخيرًا ستقف فى طابور وتنتخب ممثليك كما كنت ترى فى الصور شعوبًا أخرى تفعل وتحسدهم وتقول فى نفسك جتنا نيلة فى حظنا الهباب، وها هى أتت اللحظة التى ستكون مثلهم تختار نواب شعبك، فيأتى مجلس الشعب المنتخب بوجوه وشخصيات ونماذج ما أنزل الله بها من سلطان، وتصبح جلساته مصدر تندر لا مصدر فخر، والأهم ليست مصدر تشريع يؤثر فيك كمواطن بالإيجاب، فتقول معلش مسيرهم يفهموا ويتعلموا ومستنى نقطة ومن أول السطر.
5 - تأتى وزارة جديدة بوجوه جديدة قديمة فتقول معلش كلنا فى انتظار رئيس جديد سيغير كل هذه الوجوه ورغم الاعتصامات والعذابات لكنك فى انتظار الرئيس الجديد تقول لنفسك صبرًا يا نفس فبعد خطوة أو اثنتين سنقول نقطة.. ومن أول السطر.
6 - يقولون لك آن الأوان ليصبح لك دستور جديد وعقد فريد بينك كمواطن وبين غيرك وبين الحاكم فتسعد وتقول يا مسهل ها هى العجلة ستدور ونبقى نقطة.. ومن أول السطر، ولكنك مع مرور الأيام ودوامة لجنة الدستور وأعضائها تفقد الأمل.
7 - يأتى إليك المرشحون للرئاسة من هنا وهناك وتتعارك مع هذا وذاك حول من يستحق أن يكون رئيس مصر بعد كل هذه الدوخة وبغض النظر عن اختيارك يأتى واحد فقط وهو محمد مرسى فتقول معلش يلا بقى نقطة ومن أول السطر.. وغالبا الرجل وجماعته سيفعلون شيئًا قويا ليثبتوا أنهم يستحقون ما صاروا فيه وأن من ظلمهم ظلم الشعب بظلمهم، فتأتى وعود المائة يوم لتذهب هباءً وندور فى الرحى التى درنا فيها كشعب لمدة عام وفى كل مرة بعد كل تصرف خائب مشين تقول يمكن أكون غلطان وإن شاء الله نقطة ومن أول السطر ولكن كثرة النقط والنقطة تدفع حتى هؤلاء الصامتين دومًا للخروج فى ثورة ثانية ويحميها الجيش لتتنفس الصعداء وتقول بجد نقطة..
ومن أول السطر فعلًا، فعودة للبحث عن دستور ومجلس شعب، ورئيس، ولقمة عيش، وعدالة وحرية، ووزارة تنقذ ما بقى من الوطن.. إذًا فهذه المرة كما تتصورها فعلًا ستكون الأخيرة فأقول وتقول نقطة يا مصر.. ومن أول السطر.
8 - يأتون إليك برئيس جديد مؤقت ووزارة قديمة جديدة ووجوه عرفتها تقلبت بين عصر وعصر بلا خيال نحتاجه لتحقيق ولو بعض من بعض الأحلام لتنظر حولك فلا تجد من بُد لكى تستطيع أن تعيش فى هذا البلد غير أن تردد لنفسك قبل غيرك نقطة يا مصر.. ومن أول القهر..!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ربيع القصاص
انتى مضلماها ليه كده
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
هذا هو واقعنا بالضبط - مقال رائع صالح للقراءه عشرات السنين - نقطه ومن اول القهر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
للاسف الشعب المصرى محاصر الان بين الارهاب والفساد يعنى نقطتين وقهر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
د/هشام
الخطيئة