خلال أيام متوالية نسمع ونقرأ تصريحات لقيادات الجماعة الإسلامية ترفض العنف وتدينه وتطالب بنبذ العنف. وخلال أيام توالت تصريحات القيادات والمؤسسين للجماعة ممن لعبوا دورا فى دوائر العنف فى الثمانينيات والتسعينيات، يؤكدون رفضهم للعنف ويدعون للسلام. ومن هؤلاء عبود الزمر، وكرم زهدى، فى وقت تطلق فيه جماعة الإخوان تصريحات تؤكد فيها أن التنظيم لا يمارس العنف وأنه مع الحوار ومنها تصريحات الدكتور على بشر وعمرو دراج، واعتذارات قيادات، يمحوها إصرار قيادات أخرى.
فإذا كان الكل يتبرأ من العنف: من يفعله إذن؟. ومن هو الذى يخطط للجماعة، ومن يدعو لمظاهرات التعطيل والتصادم؟.
مؤخرا دعا كرم زهدى، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية السابق، الجميع لمراجعة نفسه لمعرفة ما ينبغى فعله عقب المبادرات ودعوات سلمية ومصادمات. وقال إن الأمة الإسلامية متأثرة بما تشهده مصر من أحداث، وأنه طالب مراراً وتكراراً بنبذ العنف وعدم حمل السلاح. وطالب «زهدى»، جماعة الإخوان بالعودة إلى العمل الدعوى كما كانت فى العقود السابقة. زهدى لم يحدد الوقت الذى كانت فيه الجماعة دعوية، بينما كانت طوال الوقت سياسية تطمح للسيطرة على مقدرات لا تستطيع إدارتها.
أما عبود الزمر عضو مجلس شورى الجماعة فقد نفى إلقاء القبض عليه خلال اقتحام كرداسة وقال: «لم يتم القبض ولا صلة لنا بأحداث كرداسة.. وقد شجبنا هذه الأحداث وحزنا لما حدث للضباط بقسم كرداسة وأصدرنا بيانا استنكرنا فيه قتل الضباط. وقال إن الجماعة اتخذت خط السلمية ولن ترجع عنه.
هذه التصريحات من قيادات الجماعة الإسلامية، تقابلها تصريحات من الإخوان تنفى علاقتها بأى عنف سابق أو حالى، وتؤكد سلمية مظاهراتها، لكنها كعادتها تبحث عن شماعة تعلق عليها ما يجرى، فمرة تتهم الداخلية والجيش بقتل رجالهم، وأخرى ترى أن هناك جماعات أخرى من مؤيدى الإخوان تفعل هذا بعيداً عن تعليمات الجماعة وتنظيمها.
بما قد يعنى أن «ناس تانية» من جماعات تكفيرية تقتل وتفجر كنوع من المجاملة. وكأن الأمر نقوط فى فرح، وليس سياسة ودولة وصداما، ثم إن الجماعة وشبابها يواصلون مظاهرات التعطيل، ثم إن ما جرى فى الأيام الأولى للمدارس والجامعات، وتجاوز التظاهر إلى منع دخول الطلاب، وإطلاق شائعات وتخويف وتصادم. الأمر الذى أفقد الجماعة هدف التظاهر، ووضعها فى صورة «خميرة عكننة»، ثم إنهم يبالغون فى الإعداد ويستندون لتقارير ومعلومات على طريقة جحا الذى أراد أن يصرف الأطفال عن مهاجمته، فقال لهم إن هناك وليمة فى آخر الشارع، فانصرفوا، وصدق وجرى ليرى الوليمة. الجزيرة تنشر عن مظاهرات ضخمة مليونية، وتضطر لفبركة صور وتسجيلات، وتقع فى أخطاء، جعلت من الصعب تصديقها. لكنهم يصدقون ما يفعلونه.
وليس هذا هو الموضوع، فقد يكون من حق الجماعة أو ما تبقى منها أن تتظاهر لعرض وجهات نظر، لكنهم يفعلون ذلك ويصرون على تجاهل الشعب الذى يتوجهون إليه بمظاهراتهم. ولم يقدموا تفسيراً منطقياً للعنف والتفجيرات وما يجرى فى سيناء. وهل كان قتل الجنود فى رفح مجاملة، واغتيال الضباط مؤامرة، بينما هم يتشفون ويفرحون على كل خراب. ربما يكون قيادات التنظيم معذورين، فى دفاعهم عن أخطائهم، لكن يحق للأجيال الجديدة أن يعيدوا النظر ليعترفوا بالمسؤولية حتى لا يظلوا فى دائرة الوهم.