شرفت الأحد الماضى، بدعوة كريمة من لجنة الخمسين، لمناقشة الإعلاميين والصحفيين فى الدستور الجديد، وعلى مدى ساعتين تقريبا أعطى سامح عاشور نقيب المحامين وعضو لجنة الخمسين الفرصة للحديث لحوالى 20 متحدثا، يمثلون أجيال مختلفة من الإعلاميين والصحفيين، أشد ما أدهشنى أن %90 من المتحدثين تحدثوا بشكل فئوى عن مقترحاتهم حول حرية الإعلام، وهموم الإعلاميين، وبالطبع سوف يسألنى شباب الإعلاميين والصحفيين: وما الخطأ فى ذلك؟
الإعلامى أو الصحفى كلاهما صناع ضمير، وفى أقل تقدير صناع رأى عام، وطوال اليوم يتلقى القارئ أو المشاهد منهم آراء ومعلومات تشكل وعيه فى مختلف القضايا، من رصف الطرق، وحتى العلاقات الدولية، مرورا بالعملية السياسية، ومن ثم الموضوعية تقتضى أن يكون «حامل الرسالة» يمتلك رؤية دستورية مكتملة، حتى وإن ركز على همومه الفئوية، كذلك لاحظت أن أكثر من %30 من المتحدثين لم يدركوا الفرق بين الرؤية الدستورية الخاصة بحرية الصحافة والإعلام.. والتى يمكن تحويلها إلى مواد فى الدستور، وبين الإشكاليات التى تحل بقوانين أو قرارات إدارية، على سبيل المثال، ما علاقة أجور الإعلاميين والصحفيين بالدستور؟ كذلك مسألة عدم جواز حبس الصحفيين فى قضايا النشر «وأنا مع ذلك»، هل يمكن إدراجها فى الدستور؟ وفى نفس الوقت يتناقض ذلك مع مادة «المواطنين لدى القانون سواء»!!
خرجت من الجلسة مدركا أن أزمة الصحافة والإعلام تكمن فى افتقاد الرؤية لأغلب حاملى الرسالة، رغم أن الأجيال الجديدة أكثر امتلاكا للمهارات من الأجيال القديمة، ولكن الأجيال السابقة تمتلك روية ومنهجية تفوق الأجيال الجديدة، هنا تبرز قضية التكوين المهنى فى البيوتات الصحفية والإعلامية، واقتصار الأمر على «التدريب» الذى صار «بيزنس» يرتكز على المهارات فحسب وعدم ربط المهارات لا بالقيم ولا بالرؤى ولا بالمنهجية، على سبيل المثال كليات الإعلام المصرية توقفت عند المهارات الصحفية أو الإعلامية دون فتح المجال للطلاب لامتلاك القدرة على البحث شأنه شأن طالب العلوم السياسية أو الاجتماعية، والمؤسسات الصحفية والإعلامية افتقدت القدرة على التلمذة والتعليم بالمرافقة مثلما كان يحدث من قبل.
القضية أكبر من الدستور.. لأن الدستور نتاج عقد اجتماعى، وليس نتاج عملية وفاقية فئوية، ولا نتاج نخبة لا تمتلك رؤية للحاضر الآتى ولا الفرق بين الدستور والقانون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة