هناك من يؤمن بنظرية المؤامرة، وهناك من لا يؤمن بها، ولكن هناك ظواهر وعلامات، والأهم وقائع على الأرض تؤكد وجود تلك المؤامرة، ونظرية المؤامرة بدأت وتأصلت وتكرست مع ظهور ما يسمى بالظاهرة الاستعمارية، وطوال التاريخ يأخذ الاستعمار أشكالا متنوعة وألوانا مختلفة، فبعد أن كان استيطانيا أصبح سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ولكن الأهداف والنتائج واحدة وإن اختلفت الأساليب، وبالرغم من تعدد اسم الدول الاستعمارية ولكن لقد اتفق الجميع على فكرة الوطن القومى لليهود أى قيام الدولة الصهيونية فى المنطقة لتكون المرتكز والأداة والوسيلة لفرض السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، ومثلما كان هناك سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الأولى، أصبح هنا سايكس بيكو الثانية بعد بوادر هزمية السوفييت فى أفغانستان وبعد اتفاقية كامب ديفيد بين النظام المصرى والدولة الصهيونية برعاية أمريكا عام 1977، ولذا كان مخطط «دينون» عام 1983 الذى يحدد طريقة تقسيم المنطقة على أسس طائفية حتى تكون الدولة الصهيونية هى الكيان السائد والمتحكم، ولذا قامت وتقوم أمريكا صاحبة القلب الكبير التى نذرت نفسها لفرض الديمقراطية والمحافظة على حقوق الإنسان «الأمريكى والغربى»، فكانت البداية تحت اسم الفوضى الخلاقة التى تعنى التفكيك والتركيب حسب النظام الأمريكى، ولذا فلا هى خلاقة ولا خُلقية، ولكنها الفوضى فقط، فبمؤامرة أمريكية تم احتلال الكويت لتكون تكئة لسحق العراق باسم الديمقراطية حتى تتحول إلى ثلاث دول، وتم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب وهذا كان مخططا بريطانيا تم وضع أسسه أثناء الاحتلال البريطانى للسودان، وكان ما يسمى بالربيع العربى الذى اخترقته أمريكا ومازالت فكان أسرع غزو أطلسى لليبيا وبغطاء عربى للتخلص من القذافى ليس حباً فى الليبيين ولكن عشقاً وسيطرة على البترول الليبى ومازالت الفوضى فى ليبيا مستمرة، وما زلنا نشاهد ذلك الإصرار على أحداث الفوضى فى تونس ومصر وبنفس السيناريو ليس حباً فى النظام الإسلامى ولكن حفاظا على المصلحة الأمريكية والصهيونية تجاه تلك الأنظمة التى سقطت والتى فى طريقها، أما سوريا فهى المنطقة الساخنة التى مازالت تمثل بقايا الحرب الباردة بين أمريكا والقوى الأخرى مثل روسيا والصين وإيران باعتبار سوريا حليفا لهؤلاء إضافة لدور سوريا المقاوم وعلاقتها مع حماس «المستسلمة الآن» وحزب الله فلا أمريكا والغرب يعنيهما الشعب السورى ولا الثورة السورية، بدليل أن أمريكا وحلفاءها هم الذين ساعدوا المعارضة الخارجية فى مواجهة الأسد والمعارضة الداخلية ولكن عندما فلت زمام المعارضة الخارجية ودخل كل من هب ودب مثل القاعدة وأخواتها تمهلت أمريكا ومازالت فى إسقاط النظام، ولكن وحتى يتم تنفيذ سايكس بيكو الثانية فلابد من حرب سوريا لحرمان روسيا القادمة من موطئ قدمها فى المنطقة، وحتى يتم إجهاض حزب الله ويتم التفرد بإيران وهنا لا يتبقى فى الزور غير مصر والتى عادت وستعود لدورها العربى والقومى، حيث إن مصر هى رمانة الميزان، وهنا فضرب سوريا هو البداية لضرب وإجهاض مصر، خاصة على ضوء ظروفها الداخلية الاستثنائية فهل تعى الخارجية ذلك وتسعفنا بدور واضح دون دبلوماسية تقليدية عفا عليها الزمن، هل نعى نحن المصريين ذلك الخطر حيث إن أمن مصر يبدأ بالحدود الشمالية لسوريا هكذا علمنا التاريخ، فهل نعيد توافقنا ونوحد كلمتنا حتى لا نندم فى لحظة لا ينفع فيها الندم، هى لحظة يجب فيه إسقاط المصالح الذاتية وتغليب المصلحة الوطنية حتى لا يخسر الجميع، ولتظل مصر لكل المصريين.
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو الحسن محمد
المصالح الشخصية الدنيئة تتغلب على المصالح الوطنية للجميع