كانت لاحتفالات مصر بذكرى رحيل جمال عبدالناصر أمس الأول طعما مختلفا، عبرت عن حنين شعبى جارف لعبدالناصر كرمز وطنى خالد فى تاريخ مصر والعالم.
أعاد المصريون الاستماع إلى مقاطع من خطاباته، والتى تميزت بأنه كان يلقيها وسط جماهير غفيرة، وبالرغم من أنها كانت فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، إلا أنها تبدو وكأنها تحدثنا عن أحوالنا اليوم وغدا.
فى مساء أمس الأول السبت اكتظت قاعات قصر ثقافة بنها فى محافظتى القليوبية بالحاضرين من مختلف الأجيال للمشاركة فى الاحتفالية الخاصة بذكرى الرجل، وبحضور المخرجة المبدعة أنعام محمد على، والقيادى الوفدى عصام شيحة، ونور الهدى زكى وشوقية الكردى وآخرين، كانت الأيادى تلتهب بالتصفيق كلما أطل جمال عبدالناصر بصورته وصوته فى المقاطع الفيليمة التى افتتح بها الاحتفال، وهو يخاطب شعبه عن تأميم قناة السويس، وجلاء الاستعمار، وبناء السد العالى، وأحوال الفقراء، وتنحيه بعد نكسة 1967.
كان الاحتفال هو الأول من نوعه فى قصر ثقافة بنها الذى افتتحه جمال عبدالناصر فى مطلع الستينيات من القرن الماضى، والمفارقة أن اللوحة التذكارية التى كانت فى مدخله تعرضت للتزييف التاريخى فى حكم محمد مرسى، حيث تم إزاحتها ووضع لوحة بدلا منها، تشير إلى أن محمد مرسى هو الذى افتتحه بعد تجديده، وتم تصحيح الأمر بعد شكاوى عديدة لتعود اللوحة التذكارية الأصلية.
فى هذا «المبنى» الذى أسسه عبدالناصر وافتتحه، امتلأت قاعة مسرحه ووقف آخرون مساء السبت بآذان صاغية ووجدان مفتوح، والكل يتوحد مع الأداء الرائع لفرقة قصر ثقافة بنها الموسيقية بقيادة المايسترو أحمد يسرى، وبأداء رفيع وصوت جميل كان الحاضرون على موعد مع المطربة إيمان عبدالغنى من الأوبرا المصرية، والتى قدمت أغنيات «متقولش إيه إدتنا مصر» وأغنية «وأنا على الربابة بغنى»، ثم كان أداؤها الرفيع والشجى لأغنية أم كلثوم: «ثوار، ثوار، لآخر مدى.. مطرح ما نمشى يفتح النوار.. ننهض فى كل صباح بحلم جديد.. الثورة قايمة والكفاح دوار»، وهى الأغنية التى قال لى المبدع الكبير الراحل عمار الشريعى إنها الأفضل فى تاريخ الغناء العربى الوطنى.
كما ألهب مطرب فرقة الأوبرا وابن مدينة بنها أحمد عفت حماس الحاضرين بأدائه الجميل والمتميز لأغنيات «حكاية شعب» التى رددها الحاضرون وراءه، وأغنية «صورة» و«أنا المصرى» لسيد درويش، وأغنية «أهيم شوقا» التى قدم الفنان رأفت فرحات (ابن خالتى) خلالها عزفا منفردا رائعا على الناى، أدى مقطوعته مستحضرا روح والده الشهيد التى صعدت إلى خالقها، وهو يدافع عن أرض مصر عام 1968 أثناء حرب الاستنزاف، كان رأفت طفلا لا يزال يحبو لكنه وبإرادته وموهبته شق طريقه متمكنا من آلته الموسيقية، كما قدمت الفرقة أغنية «صوت الجماهير» وشارك فيها أصوات من كورالها من الأولاد والبنات، ولعله يولد منهم نجم فى الغناء يوما ما.
خلف هذا الحفل الجميل كان هناك قيادات بدءا من يسرى الدالى مدير الثقافة، ووجيه الشافعى مدير القصر، ومدير المسرح جمال التهامى، أما الفنان محمد البحيرى مدير الإدارة الفنية بالقصر الذى وقف خلف إخراجه الفنى باقتدار والإعداد له منذ أسابيع بعد الإصرار على إنجازه، فيستحق تحية خاصة، وللجميع نفس التحية.