مشروع قانون التظاهر الذى انتهت منه وزارة العدل وسلمته إلى مجلس الوزراء لإقراره، جيد فى مجمله إلا من بعض الملاحظات الواجب الالتفات إليها حتى لا يتحول إلى قانون استثنائى ويفقد المبرر لوجوده وهو سد النقص التشريعى الآنى.
مشروع القانون يواجه الأوضاع الأمنية المرتبكة حالياً، خاصة ما يتعلق بعنف الإخوان وحلفائهم من الجماعات المتطرفة الذين يرفعون الحق فى التظاهر كما رفع الخوارج قميص عثمان، وخلف هذا الحق الذى لا مراء فيه، يتحول التظاهر السلمى إلى عنف وتدمير للمنشآت العامة وتعطيل لمصالح المواطنين وقطع للطرق.
ومع ذلك فلابد ألا ننسى تحت أى ظرف، أننا نضع القوانين لتستمر، لا لمواجهة خلل طارئ أو ممارسات سياسية وميدانية منفلتة، فهذه الممارسات كفيل بها المجتمع وإدارته السياسية والأمنية، أما القانون فدوره ضبط العلاقة بين المواطنين والدولة دون الإخلال بالسلام الاجتماعى أو بأى من الحقوق المستقرة الأساسية للمواطنين.
من هنا على مشرعى وزارة العدل أن يتخففوا من حسهم الأمنى قليلاً، وأن ينظروا لحاجة المواطنين فى دولة ديمقراطية مستقرة.
ليس ضرورياً إذن أن يكون ضمن بنود قانون التظاهر أن يوضح المتظاهرون فى إخطارهم المسبق بتنظيم مظاهرتهم سبب تظاهرهم، وأن يكون اقتناع السلطة التنفيذية بالسبب أم عدم اقتناعهم مبرراً لعدم إصدار تصريح التظاهر.
نعم جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدة لديها شروط محددة وواضحة للتظاهر، وتشترط الإبلاغ المسبق للحصول على تصريح بالتظاهر وبعض الدول تشترط التقدم بطلب التظاهر قبل أسبوع حتى يتسنى لها دراسة الطلب وإصدار التصريح، كما تشترط جميع السلطات تحديد مكان التظاهر «من - إلى» والسلمية المطلقة وعدم التعرض للمصالح الخاصة والعامة، وهذه فى مجملها شروط ينبغى التوافق حولها لتظلنا جميعاً، وحتى لا يكون التظاهر معادلاً للتخريب والعنف. وفى المقابل، نرفض أن يتحول مشروع القانون إلى أداة بيد السلطة التنفيذية لتحول الحق المكفول المستقر إلى منحة تهبها لمن تشاء أو تمنعها عمن تشاء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة