فى مرحلة التأسيس إما أن النظام يولد سليماً يوفر العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، أو يكون نظاماً مشوّهاً يحمل الجينات الوراثية للنظام السابق. وبالرغم من أهمية الدستور كمدونة أساسية، فإن الدستور وحده قد لايكفى لبناء الدولة طالما لم تنعقد الإرادة على ضمانات لتحقيق هذه المواد حتى لاتصبح مجرد حبر على ورق. هناك حديث عن الحريات والعزل والمساواة من دون آليات تضمن تنفيذها، وتحتاج إلى ما هو أكثر من مواد مكتوبة.
فقد كانت كل الدساتير السابقة تنص على تكافؤ الفرص، لكن الواسطة والمحسوبية كانت المسيطرة ولاتزال، فى تولى الوظائف المميزة، والمواقع المهمة كالقضاء والشرطة والبنوك والخارجية. بل إن الوظيفة العادية تباع وتشترى، وتتم بالواسطة. والسؤال: ماالذى يمكن أن يقدمه الدستور للقضاء على الواسطة وضمان تكافؤ الفرص؟.
ومن الطبيعى أن تكون هناك مهام عاجلة وأخرى متوسطة المدى أو ممتدة. هل نبدأ بالتعليم أم البحث العلمى أم بهما معا. الصحة والمستشفيات والإسكان والبطالة. والحد الأدنى للأجور، وكلها قضايا يفترض أن تكون فى عقل من يخططون للمستقبل. فهل يكفى أن تكون هناك مواد مكتوبة تؤكد حق المواطن فى العلاج، من دون تغيير النظام الحالى ، حيث لاتوجد مؤسسات عامة تقدم علاجا، أو مدارس تقدم تعليماً. والنظام التعليمى نفسه يحتاج إلى إعادة بناء، وإمكانات، فهل يكفى وضع مواد تؤكد الحق فى التعليم، من دون النص على آليات التنفيذ؟.
وربما كانت العشوائيات بداية أى انطلاق نحو المستقبل، ليس فقط فى نقل سكانها، لكن النقل يفترض أن تسبقه دراسة تشارك فيها وزارات التضامن والإسكان والأمن والخبراء الاجتماعيون، لإعادة تشكيل مجتمعات جديدة ينتقل إليها سكان العشوائيات، وتضمن لهم حياة إنسانية متكاملة، من تعليم وعلاج وتوظيف. نحن نتحدث عن عشرين مليون مواطن، يشكلون طاقة بشرية هائلة، وهى فئة تعرضت للظلم والتهميش والإقصاء لعقود طويلة. وهو ما شوه كثيرا من مظاهر حياتهم. ومثل العشوائيات تأتى القرى الفقيرة. وهذه المناطق ومواطنوها كانوا مجالا لتلاعب النظام السابق، وتجاربه، وألعاب الحزب الوطنى الانتخابية. وتحرير إرادتهم هو المقدمة لبناء ديمقراطية، لأنه طالما ظلت إرادتهم قابلة للبيع والإغراء، لا يمكن دعوتهم لمشاركة حقيقية.
وتأتى قضية العزل السياسى الحائرة والمحيرة، من أيام المجلس العسكرى، وهل يصلح العزل فى الحياة السياسية، بينما النظام الانتخابى نفسه فاسد وإرادة الناخب غير حرة ومن كانوا يبيعون أصواتهم سابقا، لا يوجد ما يمنعهم من بيع أصواتهم فى أى انتخابات مقبلة. وربما كان الأهم من العزل، هو البحث عن طريقة لتحرير إرادة الناخبين، وهو أمر لا يتعلق بالأمية ونقص الوعى، بل يمتد إلى الطبقات المتعلمة والمثقفة. ولو راجعنا انتخابات النقابات والنوادى نكتشف أن الذين احتلوا المواقع هم من استطاعوا التأثير على إرادة الناخبين وليس أصحاب البرامج، وهو ما يتوقع تكراره فى الانتخابات المقبلة.
نحن أمام قنابل تقع خارج الدستور، وربما لاتكفى المواد الدستورية لنزع فتيلها، بل تحتاج إلى الإرادة قبل الدستور.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
mazen
" الارادة " أنا اريد وانت تريد ، والمفروض ان يستجيب القدر ، لكن الله يفعل ما ير
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
بل هى قنابل مدمره
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
بدون القضاء على مافيا المصالح سوف تظل هذه القنابل متوارثه تلاحقنا فى كل زمان ومكان
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
مافيا المصالح تشكلت وترسخت على مدار 30 سنه نتيجة انعدام الرقابه والحساب والردع
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الديمقراطيه انتخاب حر ورقابه صارمه وحساب رادع-الديمقراطيه تاتى بالايمان وليس بالزيت والسكر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
اثار هذه المافيا مدمره تنعس بشكل مباشر على جميع مؤسسات الدوله بما فيها الامن القومى
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الديمقراطيه هى الحل - بدون تطبيق الديمقراطيه بكل حزم ستبقى هذه القنابل تهدد امننا
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
يا ليتنا ندرك اهمية العزل السياسى فى هذه الفتره من تاريخنا - البلد محتاجه تطهير وتعقيم
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
مليارات تنفق على الرغى والكذب ومليارات تعطى للبغبغانات والفاسدين والشعب محلك سر
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
خربوا بيت الفلاح والعامل والموظف والغلبان وكمان عايزين 50% فى كروشهم للانتخابات
بدون