يقول العارفون إن الدنيا ليست كلها عذاب ومعاناة بل النظرة العميقة والإيمانية تثبت أن الدنيا تصبح جنة إذا أصبح العبد المؤمن قريبًا محبًا وعاشقًا لربه ولعظمته ولرحمته وجوده وحنانه ومغفرته.
إن جنة القرب من الله سبحان وتعالى تسكر قلوب المؤمن العاشق الخاضع والمستسلم لربه الراضى بقضاء الله وقدره، والمدرك أن الحكمة الربانية لا يصل إليها إلا من تطهر ظاهرًا وباطنًا وأصبح قلبه ذاكرًا لجلال وعظمة وحكمة ربه القدوس، الغفار، الجليل، الكريم، المحى المميت، الحى، القيوم، الصمد، العفو، الرءوف، مالك الملك، الغنى، المغنى، الباقى، الأول، الآخر، والظاهر، والباطن، والذى لا ينسى من ذكره.
قال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم «سبق المفردون سبق المفردون» فسأله أحد الصحابة رضى الله عنهم جميعًا «من هم المفردون» فقال خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم «إنهم الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات».
لقد سبق أهل الذكر إلى القرب وما أروع القرب وأعذبه وأجمله. قد سبق أهل الذكر إلى الخير العميم والسكينة والهناء والرضا.
لقد سبق أهل الذكر إلى الأنوار القدسية التى ينعم بها أهل السماء من الملائكة بل قد يتفوق بعضهم على الملائكة.
الذكر قد أنار قلوبهم وبصائرهم وعقولهم، فيمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا لأن قلوبهم مملؤة بالحب والرحمة وعقولهم حكيمة وتصرفاتهم سليمة إنهم يسيرون على النهج المحمدى «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» و«أفلا أكون عبدًا شكورًا».. إن أهل الذكر هم أيضًا أهل الشكر، ذلك لأنهم يرون نعم الله ويقرون بها ويفرحون بها ويسجدون شكرا وحبا فى الله، ومن بين شكرهم «الحمد لله على رسول الله صلى الله عليه وسلم».