من حسن الطالع أن الاستفتاء على الدستور الجديد يتوافق تمامًا مع المزاج العام للجماهير، هذا المزاج الراغب الآن بقوة فى استعادة الشعور بالأمان من ناحية، وفى العمل نحو المستقبل من ناحية أخرى، لذا أتوقع أن يحتشد الملايين أمام لجان الاستفتاء لإعطاء الموافقة على هذا الدستور.
إن أكبر مشكلة تواجه كل المعارضين للدستور تتمثل فى كونهم لم يفهموا طبيعة المزاج الشعبى فى هذه اللحظة، وإذا كانت لهم بعض الملاحظات على بعض المواد فى الدستور -وقد يكون الحق معهم- فإن مزاج الناس يعى ذلك، ويتغاضى عن هذه المواد من أجل هدف أسمى وهو تحرير مصر من غول الإرهاب، والحفاظ على حياة ملايين المصريين التى هُددت فى الفترة الأخيرة من قبل جماعات متشددة ومتخلفة أعلنت وتعلن أنها ستحرق مصر!.
أجل.. فى كل مجتمع.. وفى كل لحظة.. هناك أولويات، والشعب الحصيف فقط هو من يتمكن من ترتيب أولوياته، من الأهم فالمهم، وفى اعتقادى أن أهم أمنية ينبغى تحقيقها فورًا هو إقرار دستور عصرى يفتح الآفاق لنهضة شاملة قوامها توفير الأمن للناس، وتعزيز الحريات العامة وإقرار مفهوم العدالة الاجتماعية، هذا من جانب، ومن جانب آخر ينبغى السير بسرعة نحو إعادة هيكلة مؤسسات الدولة التى اهترأت كثيرًا فى السنوات العجاف التى مرت على مصر.
لا ريب فى أن قول "نعم" للدستور الجديد بعد غدٍ الثلاثاء سيعطى دفعة قوية للمصريين كى ينطلقوا نحو الأمام، حيث سيصبح لدينا رئيس جمهورية ومجلس نواب نأمل أن يتم انتخابهم بأكثر الأساليب حرية ونزاهة. بعد ذلك تأتى المهمة الكبرى، وهى مواجهة الفكر المتشدد والمتخلف بفكر مستنير وحديث، وهى مهمة تحتاج إلى تضافر عدة وزارات وأجهزة على رأسها وزارة التربية والتعليم المنوط بها إحداث ثورة كبرى فى التعليم، حتى نستطيع أن نربى التلميذ على عشق المعرفة واحترام الفكر الآخر، بالإضافة إلى ضرورة تشجيعه على ممارسة فضائل النقد والبحث والابتكار، ثم يأتى دور وزارات الأوقاف والثقافة والإعلام والسياحة، وكل منها ينبغى أن تستهدف بناء عقل الإنسان ووجدانه بما يلائم طبيعة العصر وضروراته المتلاحقة.
إن مزاج الجماهير الآن يهفو إلى الأمن والاستقرار، لذا سأهمس فى أذنك: تعال معى إلى الدستور.. تعال نقول "نعم" لبناء مصر الجديدة.. تعالَ نقول "نعم" لدولة مدنية عصرية تخاصم التخلف وتنشد اللحاق بالعصر.. تعالَ نقول "نعم" للحريات العامة والحق فى التظاهر السلمى.. تعالَ نقول "نعم" للعدالة الاجتماعية وحرية الفكر والإبداع.
تعالَ نقول "نعم" للحياة الآمنة والجميلة، فالحياة متعة وليست عقوبة!
سأنتظرك عند لجنة الاستفتاء غدًا.. فلا تتأخر!