د. مصطفى النجار

وفى النار تصفو المعادن

الأحد، 12 يناير 2014 08:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقول العرب فتنت الفضة والذهب أى أدخلتهما النار لتميز الردىء من الجيد، درجات الانصهار تختلف من معدن إلى آخر وكلما زادت قيمة المعدن ونفاسته استعصى على النار، أما المعادن الرديئة فسرعان ما تنصهر وتنفصل عما علقت به من معدن نفيس ليزداد صفاء المعدن الغالى وبهاؤه، فإذا أراد الرجل اختبار ما بيديه من معدن مختلط ومتمازج فيه الردىء بالنفيس ألقى به فى النار ليتمايز ويتضح وهكذا البشر خلقهم الله معادن منها القيم ومنها الردىء والرخيص ولا تظهر هذه المعادن إلا فى لحظات الشدائد. تدور بنا الحياة وتقبل نحونا ثم تدبر، فنرى من الناس من يقترب منا حين تقبل علينا الحياة ويفر إذا أدبرت، يتملقنا ويتزلف ونحن ندرك غايته فهو يبحث بجوارنا عن مصلحة أو فائدة يجنيها من قربنا حين يرى أننا فى موضع التمكين ثم يفر حين يعتقد أن الزمان قد أدار لنا وجهه ولا يكتفى بعضهم بذلك بل يسرع لغسل يديه ممن كان يتملقه بالأمس، ويبدأ فى سبه وشتمه وإلصاق كل نقيصة به وتصويره على أنه شيطان مريد.. لا يخجلون ولا يخالجهم حرج مما يصنعون وبينما الناس تعجب لحالهم وبينما يحتقرهم من بجوارهم من الذين يدركون حقيقة أهدافهم فلا يعنيهم شىء من ذلك، فالمهم أن يقدموا قرابين الولاء ويمارسوا طقوس الطاعة وإثبات الأحقية فى الخدمة، حيث إن متعتهم أن يكونوا خداما لأى سلطة!

أما الشرفاء الأوفياء فهم لا يتلونون ولا يتغيرون ولا يتغير موقفهم من الناس طبقا لظروفهم وما يمرون به، يساندونك وأنت مظلوم ويرشدونك ويراجعونك إذا رأوك ظالما لنفسك أو لغيرك ولا يعنيهم أحدا من البشر لأن نصرتهم للحق الذى يعتقدونه هى من كمال إنسانيتهم واحترامهم لأنفسهم بعكس المترممين الذين يجلدون المظلوم ولا يكلفون أنفسهم حتى استبيان وجهته، فطالما أن الموج مرتفع وموجه فلا بد أن يسبحوا معه. إذا ما منحتك الأقدار شدة فاشكر الله وتحصن بمبادئك ولا تستمع لأحاديث الزيف والزور ولا تنحن لما يريدون منك الانحناء له، فالظهر المستقيم لا يعرف الانحناء والرأس المرتفع لا يعرف السجود إلا لخالقه، أما إذا رأيت غيرك يمر بهذه الشدة وتكالب بعضهم عليه فارجع بعقلك إلى الوراء وتذكر من هذا الشخص وما فعله وما فكره وما مواقفه وضعها فى حسبانك وأنت تختار فى أى معسكر ستقف معسكر المترممين أم معسكر المتعقلين الأوفياء بلا ظلم ولا جور، أنت فقط من تستطيع الاختيار لنفسك أين تكون.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة