قبل ثلاث سنوات، نظم أدباء وفنانون من أجل التغيير، وقفة بالشموع فى ميدان سليمان باشا، تضامنا مع الإخوة الأقباط بعد جريمة كنيسة القديسين بالإسكندرية، لم نصدق وجود هذا العدد من قوات الأمن وتخيلنا للحظة أننا مرعوبون، خرجنا من دار ميريت وتجاوزنا مئات الجنود إلى أن وصلنا أمام مكتبة مدبولى، كان يتقدمنا كالعادة أحمد فؤاد نجم، لم نكن كثارا، قل خمسين، وما أن شرعنا فى إضاءة الشموع حتى فوجئنا بكبار الضباط الذين يرتدون ملابس مدنية ينفخون فى الشموع لإطفائها، وكانوا يطاردون اللهب فى مشهد كوميدى، يطفئون هنا ويتم إشعال شمعات أخرى هناك، كانوا حددوا مسارات إجبارية لمنع تزايد الأعداد، وفجأة وبعد تحول الموقف إلى مرح طفولى حقيقى، دفعوا الجميع إلى مسارين، الأول خرج منه نجم وبهاء طاهر ومحمد هاشم ومجموعة الشباب، والآخر تم إرغام سالكيه على التجمع فى شارع سد حيث حزب التجمع، تشعر أن العشرين شخصا الذين كنت بينهم ينتظرون النطق بالحكم وهم فى القفص، رجل سبعينى أنيق كان إلى جوارى، تنير علامة الصلاة وجهه المريح، سألنى «هم بيعملوا كده ليه؟».
على بعد خطوات كان ضابط، سألته بصدق وأنا أشير إلى الرجل الذى كان يحمل أطول شمعة فى المنطقة «الأستاذ بيسأل ليه كده؟»، رد بعصبية «بنحميكو ياخويا..انتو مش فاهمين حاجة»، وتركنا وهو يتحدث فى اللاسلكى، نظر إلى الرجل الطيب وابتسم، بعد ساعات قابلته يمشى مثل الجنرالات فى شارع هدى شعراوى وشمعته تحت إبطه، التقت عينانا مرة أخرى مع ابتسامتين مختلفتين، جاءت الثورة بعد أسبوعين، وصورة هذا الرجل ذى اللحية البيضاء المهذبة لم تفارقنى طوال السنوات الثلاث، قبل أيام قابلته عند البقال، ذكرته بالواقعة، رحب بى بحرارة، وبدا لى سعيدا بما حدث، وقال لى وهو ينصرف «سعيد أنك بخير».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة