محمود سعد الدين

رسالة إلى صديقى الربعاوى: راجع نفسك قبل فوات الأوان

الأربعاء، 15 يناير 2014 03:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من السهل على أى كاتب فى يوم الاستفتاء أن يدعو بقلمه الجميع للنزول والمشاركة والاحتشاد أمام مقار اللجان الانتخابية، ووصف اليوم بأنه «الأعظم» فى تاريخ مصر الحديثة، وأن الوثيقة الدستورية الجديدة حملت ما لم تحمله وثيقة من قبل، ولكن الواجب الوطنى وأمانة الكلمة تقتضى مصارحة النفس قبل مصارحة الآخرين، فالدستور ليس الأفضل، والشعب ليس على قلب رجل واحد فى التصويت بـ«نعم»، والمشهد الانتخابى ليس شفافا بل ممتلئ بالتجاوزات، لك فقط أن تعلم أنه لا يجرؤ أى مواطن رفع إشارة «لا» بقدر الشجاعة التى يرفع بها مواطن آخر لافتة «نعم»، وأنك إن كنت من الرافضين للاستفتاء، فخطر عليك أن تعلن رأيك خارج لجنة التصويت، وعليك أن تصوت بـ«لا» فى صمت خلف الستار دون أن تخبر أحدا لكى لا تتعرض لسوء.

انطلاقا من القاعدة السابقة فى المكاشفة والمصارحة، ولمزيد من التحديد، أوجه حديثى هنا إلى أخى وصديقى ورفيقى من مؤيدى رابعة، مشاهد اليوم الأول للاستفتاء وحشود الملايين أمام اللجان تستحق منك إعادة التفكير عن الصواب والخطأ فى الحياة السياسية، وتستحق منك مراجعة النفس عن ميول وثقافة وعقلية المصريين البسطاء، ولماذا يرحبون بالاستفتاء ويحتشدون فى طوابير للموافقة بـ"نعم".

قد تكون «نعم» من وجهة نظرك ونظرى أنا أيضا مزايدة سياسية، لأن الدستور لم يتضمن مواد مثالية كنا نحلم بها فى الحقوق والحريات والضمانات الاقتصادية والاجتماعية، أو أن اللجنة التى شكلته لم تعبر عن جميع طوائف المجتمع أو حتى أن لجان الخمسين جرت فى سرية دون أن يعلم الشعب تفاصيل جلساتها ومناقشاتها، ولكن لك أن تعلم أيضا أن هذا القدر القليل من المواد والمعلومات التى خرجت عن اجتماعات الخمسين اكتفى بها المصريون فى معرفتهم عن الدستور واطمأنوا لها ونزلوا بالملايين.

أخى مؤيد الشرعية، أعلم أنك حزين منذ فض رابعة العدوية وسقط فيها من سقط من أصدقائك وإخوانك، وأنك تنظر إلى من يصوت اليوم بأنه يصوت على الدم، ولكن لك أن تعلم أن كل من يصوت اليوم يكره الدم تماما ويصوت فقط لكى يشعر بالأمان فى المستقبل، ولكى يحفظ أبناءه ويضمن لنفسه حياة طيبة بعيدة عن أى صراعات أو خلافات على الكرسى.

صديقى الربعاوى، أتابع مسيراتك يوما بعد يوم فى كل المحافظات، وأعلم أنك تبغى بها - بحسب عقيدتك- عودة الرئيس المعزول، ولكن يجب أن تعلم أن مسيراتك ومظاهراتك خرجت على السلمية ونهجت طريق الفوضى والعنف والتخريب وحرق السيارات وقطع الطرق، صديقى الربعاوى، إن كنت تفتخر بمظاهراتك ومسيراتك، فعليك أن تشاهد أكبر مسيرة وأكبر مظاهرة ينظمها المصريون للاستفتاء أمام المقرات الانتخابية للتصويت بـ "نعم".

صديقى الربعاوى حرر نفسك يوما واحدا، وشاهد أى قناة أخرى بدلا من قناة «الجزيرة»، لتعلم الحقيقة التى تتجاهل أن تراها، لتعلم أن ملايين الشعب المصرى يكرهون نظام الإخوان، ويرفضون عودته، يكرهون طمع الجماعة، يكرهون تصريحاتهم المستفزة التى رسخت العداء بين طبقات المجتمع، يكرهون الإرهاب الذى كان ينطلق من منصة رابعة، يكرهون "الضحك على الشعب باسم الدين".

صديقى الربعاوى، راجع فقط طوابير الاستفتاء وشاهد كيف تقف السيدات أمام اللجان الانتخابية ينتظرن دورهن لساعات طويلة، شاهد الفرحة والسعادة التى تغمرهن حتى يدخلن اللجنة الانتخابية ويصوتن بـ«نعم» على الدستور، صديقى الربعاوى، شاهد «عواجيز» مصر الذين يتحملون المعاناة وصولا إلى اللجان الانتخابية، ركز فى تجاعيد وجوههم التى تعبر عن طين مصر الحقيقية، لتعرف كيف أن المصريين كبيرا وصغيرا يتوحدون فى التصويت بـ«نعم» ليس على الدستور فقط، ولكن على خارطة الطريق، وعلى المستقبل، وعلى الحياة الآمنة.

صديقى الربعاوى، لزاماً عليك بعد اليوم أن تراجع نفسك بحق.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة