الانبا ارميا

عن الحيــــاة "7" " مجانًـــــا"

الخميس، 02 يناير 2014 09:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وعن الحياة نتعلم أن هناك دائمًا مَِحطات نتوقف عندها لنلتقط أنفاسنا وننظر إلى ما تقدمنا فيه من رحلتنا عبر دروبها وإحدى هذه المَِحطات هى عند بَدء عام جديد، ففيه نتوقف قليلًا لنُدرك: إلى أين تقودنا خَطواتنا؟ وكيف نسير؟ فمن يرغَب فى التقدم فى طريق الحياة لابد له أن يتريث ليُقيِّم ما فعله، ويقرر ما سيفعله.
ابدأ بتقييم أهدافك التى وضعتَها نُصْب عينيك لتحقيقها فى العام المنقضى، وسَلْ نفسك: أحقًّا هٰذه أهداف تستحق أن تصبو نفسى إليها؟ فقد ترغب فى تعديلها أو تغييرها كليةً، وأيضًا: هل كانت لى الإرادة الصُلبة واستمرارية العمل بالرغم من الصعوبات التى تلقيتُها فى الطريق؟ ثم قُم بتقييم خَُطواتك وسعيك نحو تحقيق هٰذه الأهداف، وفى سعيك لتحقيق أهدافك المنشودة، لا بد أن تُدرك قيمة الحياة وأنها هبة لك من الله، ويجب ألا تُهملها أو تُضيعها فيما لا يُفيد؛ فقد قيل: "إن من يجرؤ على إضاعة ساعة واحدة من الحياة، لم يكتشف بعد قيمتها".
وفى تقييمك تذكَّر:هل كان العام الماضى لك أم عليك؟ هل قدمتَ إلى من حولك، أم أخذتَ فقط؟ ولا تكُن مثل "برادلي" الطفل ذى الثمانى سنين؛ فمع أنه كان ولدًا لطيفًا إلا أن إحدى العادات السيئة كانت تتملكه، فقد رغِب أن يكون لكل عمل مقابل مادى يجب على الإنسان دفعه، كان كل شىء عند "برادلى" له ثمن، ويرفض أن يقوم بأى عمل دون مقابل! فهو لم يُدرك بعدُ أن هناك أشياء كثيرة فى الحياة بلا ثمن لا يستطيع أن يشتريها بالأموال.

وفى صباح أحد الأيام، حمَل الصبى الصغير معه ورقة صغيرة دوَّن عليها بعض الكلمات، ثم وضعها باهتمام شديد تحت طبق أمه وقت تناوله الفَُطور ولما حضرت الأم، رأت الورقة فأخذتها وقراءتها، فوجدت أنها فاتورة تحوى الحسابات التالية:
1. مشاوير من أجل ماما 50
2. ثمن هدوء "برادلى وطيبته" 20
3. أجرة دراسته للموسيقى 30
4. نثْريات 10
__________________________________
إجمالى المطلوب من ماما110.

ابتسمت الأم بعد قراءة الورقة، إلا أنها لم تقدم أى تعليق على ما كتبه الصبى الصغير وفى وقت تناوله الغداء، وجد "برادلى" إلى جِوار طعامه الفاتورة التى كتبها، والمبلغ المطلوب، ففرِح جدًا ولٰكنه وجد فاتورة أخرى مكتوبا فيها الكلمات التالية:
طيبة ماما تجاه برادلى= لا شىء (مجانًا)
ملابس وأحذية وجوارب له = لا شىء (مجانًا)
الاعتناء ببرادلى فى أثناء مرضه = لا شىء (مجانًا)
عمل طعام لبرادلى= لا شىء (مجانًا)
تنظيم غرفة برادلى= لا شىء (مجانًا)
_______________________________________
إجمالى المطلوب من برادلى لا شىء
أى أن كل ما يقدَّم إليه هو "مجانيى"، وحين قرأ الفاتورة، قام متأثرًا والدموع تملأ عينيه، وهو يطلب بإلحاح إلى أمه أن تأخذ المال الذى أعطته، وأن تعتبر أعماله التى يقدمها هى بدافع المحبة فمع بساطة القصة إلا أنها تحمل معنًى عميقًا؛ فليتنا نُدرك أن هناك فى الحياة عطاءً نأخذه من أُناس حولنا لا يُقدر بثمن، ودورنا أن نقدم إلى الآخرين نظير عطائهم نحونا؛ فهٰذا ما يجعل لحياتنا قيمة ومعنًى، وكل عام جديد وأنتم بكل خير متجدد؛ فيه قمم أعلى فى طريق الحياة التى عنها ما زلنا نُبحر معًا فى الحديث.



* الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى.









مشاركة

التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

سمسم

قصه رفيعة المعانى

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

العطاء واغاثة الانسان المحتاج من اهم دعائم المحبه والسلام بين البشر

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

انسانة

الى المصرى المهاجر

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

تعليقاً على 4 و 5

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة