«المن» أصبح السمة السائدة التى تطل برأسها فى كل حديث ينطق به سماسرة ثورة 25 يناير، الذين لا يتجاوز عددهم العشرات، من الذين أعطوا لأنفسهم الحق فى امتلاكها، والحق الحصرى فى التحدث باسمها، وينتفضون عندما تناقشهم فى خطايا الثورة، والبقع السوداء التى لطخت ثوبها الأبيض، ويلعنونك بأبشع الشتائم والاتهامات، ويؤكدون لك أنهم حرروك من العبودية لمبارك ونظامه، ومنحوك الحرية لتنعم بها.
سماسرة 25 يناير يتعاملون بغطرسة وتعال مقيت مع الشعب المصرى، بشكل عام، والآلاف من الذين شاركوهم كتفا بكتف فى ميادين التحرير بالقاهرة، والأربعين بالسويس، والقائد إبراهيم بالإسكندرية، فأنت فلول ولاحس البيادة، وعبد، وكافر بنعمة الحرية لو قررت ممارسة أبسط حق من حقوقك، وانتقدت أبطال المكالمات المسربة التى أصابت كثيرا من المصريين من الذين صدقوهم وآمنوا بأفكارهم، بصدمة مروعة.
سماسرة ونحانيح 25 يناير، يرون أن لهم الفضل العظيم فى نشر الحرية، بداية من حرية العقيدة، والحق فى اعتناق ما تشاء من أديان، إلى الحد-والعياذ بالله- أن تعترض الأقدار، وتبدى رأيك فى قضايا ومسائل سماوية من صنع الإله، ويمكن لك أن تفخر أمام الناس بشذوذك الفكرى والجنسى، وتعلن بذاءتك، ولك الحق، أن تشتم جيش بلادك، والشرطة والقضاء، وتسب رئيس بلادك، ويمكن لك أن تضرب بتعليمات والديك عرض الحائط، وافعل ما تشاء وقتما تشاء، لتصبح مواطنا مؤمنا وصالحا لا يشق له غبار.
لكن لو اقتربت من سور معبد الثورة، فإن فتاوى التكفير واللعنات القاتلة، ستهبط عليك من كل حدب وصوب وستصبح، «فلول، وفاسد»، ومن نظام مبارك المجرم، ولا تنتسب لثورة 25 يناير العذراء، المحتفظة ببكارة شرفها وعفتها.
سماسرة ثورة يناير، يحملون توابيت الموت ويسيرون فى الجنازات فقط، ويزفون الحقد فى حفلات الأفراح، ويقتاتون من أشلاء جثث الأبرياء، ويروون عطشهم من أنهار الدماء، ويقامرون بالأرض والعرض مقابل حفنة دولارات، نظير إلقاء محاضرة، أو الظهور فى برنامج أو حوار لصحيفة أمريكية، أو تركية، أو قطرية.