دعك من الخلاف الذى يدور اليوم بعد ثلاث سنوات من الثورة. وهو خلاف يرمى لمزيد من التفتيت والجدل العقيم. وابحث عمن سرق التفاؤل والأمل الذى صنعته المظاهرات والروح التى كانت فى الميادين. روح التفاؤل والأمل والابتسامة التى ميزت الجماهير، لكنها اختفت أو اختطفت من قبل عدد قليل زرعوا الحيرة، وسحبوا الناس لجدل عقيم، واليوم يريدون إقناع الناس أن هناك ثورتين، وشعبين بينما الكل شعب واحد وأحلامه واحدة، أصبح يخوض حربا فى مواجهة من سرقوا التفاؤل، وزرعوا مكانه الإحباط.
لما كانت اللحظات الأولى كان المصريون يعترضون ويثورون وهم يسخرون من نظام مبارك، وتصوروا أن هناك من سوف يقدم لهم شكلا وصورة للمستقبل. لكنهم دخلوا فى حيرة صنعها طلاب الغنائم وسياسيون اكتفوا بنشر الإحباط والخلاف، صنعوا معارك وهمية وصراعات جانبية. تركوا خلالها أهداف الثورة، التى كانت واضحة وبسيطة، لكنها تعقدت واختفت خلف الكثير من الصراعات والحروب الجانبية لزعماء وهميين، وانتهازيين محترفين.
ولما جاء العام الثانى كانت الطرق تفرقت بشركاء الميدان، وبعضهم خان هذه الشراكة، وأراد أن تصب الثورة فى جيبه، وبدلا من نظام مبارك وجد المصريون أنفسهم أمام نظام الإخوان، بنفس المواصفات والتفاصيل. وكرر مرسى نظام مبارك، بطريقة أكثر فشلا وتعثرا. ولما ثار المصريون من جديد واعترضوا واجههم النظام بالمزيد من التهديد والعنف والقتل، ليجد المصريون أنفسهم أمام نفس النظام بشكل أكثر فسادا. لم يراع شراكة الميدان، وملأه الطمع والجشع لسلطة لم يجربها. المصريون اختاروا من الصناديق مرشح الجماعة حتى لا يقعوا فى مرشح النظام السابق، فوجدوا أنهم لم ينتخبوا مرسى وإنما انتخبوا المرشد والشاطر وعشرات ومئات من ضباع الجماعة. ممن فرضوا وجودهم بلا مؤهلات. قضى المصريون عامهم الثالث فى مواجهة مع الجماعة، ودخلوا عامهم الرابع وهم يواجهون الجماعة التى تمسكت بأن تحكم أو تقتل.
رفض الإخوان الاعتراف بإرادة المصريين، التى اعترفوا بها فى يناير وأنكروها فى يونيو. ومازالوا يواجهون الشعب فى معركة يدفعون إليها الأبرياء. ويواجه المصريون إرهابا من حلفاء معلنين أو مختفين.
لقد قضى المصريون ثلاثة أعوام فى مواجهة الطامعين والمتشائمين، والانتهازيين، الذين سرقوا ابتسامته، وتفاؤله، ووضعوا بدلا منه صراعاتهم. لأنهم يفتقدون إلى أى روح دعابة، رأينا «المخوناتية والمكفراتية»، ممن سرقوا الثورة والابتسامة والتفاؤل. ويصرون على تكرار نفس الكلام والصراخ والمعارك الفرعية.
لقد تعلم المصريون الكثير من الدروس، وأصبحت لديهم خبرات، تمكنهم من التفرقة بين الانتهازى والصادق. لقد ظهرت أجيال تفكر بعقولها، وليس بعقول غيرها، أو أموالهم. يحتفظون ببعض الأمل، والابتسامة، فى مواجهة صناع الكآبة.