الأصوات تتعالى حاليًا بضرورة تغيير حكومة الببلاوى، والاقتراحات تتوالى بترشيح فلان أو علان رئيسًا للحكومة، وكأن المشكلة فى شخص الببلاوى نفسه، ربما يكون الرجل مسؤولا عن الأداء الجماعى لوزارته، أو عن غياب الأداء الجماعى لوزارته إذا شئنا الدقة، وعن عدم إجراء تعديلات سريعة تستبعد الوزراء الباهتين الذين يعملون بروح الموظفين، لكننا يجب أن نراعى مجموعة الظروف المحيطة التى عمل خلالها الببلاوى، وعن الأهداف الرئيسية التى سعى من أجلها، وأولها مثلا تحقيق الاستقرار الإدارى للدولة، حتى يمكن للمسؤولين وصناع القرار التعامل بصلابة مع العالم الخارجى، أخذًا فى الاعتبار القوى الكبرى التى لا تصدق ولا تريد أن تعترف بإرادة الشعب فى 30 يونيو والتى جاءت بالببلاوى رئيساً للحكومة.
أيضا كان على حكومة الببلاوى العمل على إنجاز استقرار اقتصادى بأقل الخسائر، تمهيدا لإقناع المستثمرين الدوليين بالعودة إلى البلاد وإنعاش حركة السياحة وحماية الموارد الأساسية للدولة، وقد تحقق بالفعل الهدفان بصورة مرضية ترجمها تماسك الدولة رغم الهجمات الإرهابية الوحشية المدعومة من الخارج.
ومع ذلك، ستتغير حكومة الببلاوى تلقائيا بعد الانتخابات الرئاسية المستحقة خلال الأسابيع المقبلة، والسؤال هنا: ما هو المطلوب من الحكومة الجديدة؟ أى حكومة جديدة ستأتى ستواجه حزمة من المطالب التعجيزية، وفى مقدمتها الخيال الشعبى بضرورة امتلاك النظام الثورى الجديد ورئيسه المنتخب عصا سحرية تحل جميع مشاكلنا، ونفاد الصبر العام الذى يجعل من المواطن متنمرا ومستعدا للعراك مع الحكومة والنظام إن لم تحقق له مطالبه فور توليها، وهذه الحالة من التطلع الثورى التى تحمل من الحلم أكثر من الواقع، لابد أن تضعها أى حكومة مقبلة أمامها، وأن تنظر لها بجدية، وأن ترتفع إلى مستوى التعامل معها.. ولكن كيف؟
أولاً: على أى حكومة جديدة أن تتحلى بالخيال والحلم، وأن تتخلى عن بيروقراطية الموظفين، حتى ترتفع إلى مستوى أحلام عامة الشعب بتحقيق إنجازات ملموسة تعود عليهم بسرعة.
ثانياً: على أى حكومة جديدة أن تنسف فكرة الحكومة تعمل والشعب يتفرج ويشجع أو يغضب ويثور، لا، على الحكومة الجديدة إشراك الشعب فى اللعبة، بأن تستغل طاقة الغضب والحلم لديه وتوظفها فى مشروعات قومية للبناء والإنجاز، ومثل هذه المشروعات فى الأدراج لا تحتاج إلا إرادة سياسية وقدرة على التجييش، من مشروع قناة السويس إلى زراعة صحارى الوادى الجديد على المياه الجوفية والأمطار، وصولاً إلى تعمير سيناء وزرعها بالبشر وإطلاق مشروعات رمزية من قبيل استخدام العاطلين المتعلمين فى محو الأمية بالقرى والنجوع وتجنيد أطفال الشوارع فى كتائب التعمير والبناء.. الحلم هو الكلمة المفتاح لأى حكومة جديدة وأى رئيس مقبل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة