جاء الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير مليئًا بالتناقضات فهناك من خرج ليحتفل من قلبه ودون أن يحركه أحد ليؤكد لنفسه أنه كان على صواب حينما خرج مع الملايين فى الشوارع والميادين يوم 30 يونيو للإطاحة بحكم الإخوان، وعلى جانب آخر هناك من خرج فى مسيرات "محدودة" تفوح منها رائحة التآمر على أمن وسلامة الوطن تلك الرائحة التى تفوقت على رائحة الغازات المسيلة للدموع وهم يتشحون بعباءة "الدين" ليمارسوا هوايتهم المفضلة فى "الضحك" على البسطاء وإيهامهم بأنهم يدافعون عن الإسلام بينما هم فى حقيقة الأمر أبعد ما يكون عن تعاليم الإسلام السمحة.
فما ذنب الأبرياء من الجنود والمدنيين الذين راحوا ضحية التفجيرات الأخيرة التى نفذتها يد الحقد والغل والكراهية وما ذنب أبناء و زوجات وآباء هؤلاء الضحايا الذين احترقت القلوب حزنًا على فراقهم.. هل ارتكبوا جريمة لأنهم وقت حدوث تلك التفجيرات كانوا يؤدون واجبهم المقدس فى حماية المنشآت العامة، وما ذنبهم فى أن من نفذوا تلك التفجيرات قد انتزعوا قلوبهم من بين ضلوعهم واستبدلوها بـ"الكراهية" لكل ما هو جميل ونظيف وشريف، ففقدوا السيطرة على مشاعرهم العدائية وتحولوا الى مجرد أدوات للدمار تتحرك بـ"الريموت كنترول" الذى تمسك به أيدى "قذرة" فى قطر وتركيا ودول أخرى أكثر قذارة وأكثر انحطاطًا.
لقد خرج أعضاء تلك الجماعة الإرهابية وحلفائهم من التيارات والحركات السياسية التى أكلت على كل الموائد لتفسد على الناس فرحتهم وحاولوا بشتى الطرق تمزيق هذا النسيج الوطنى الرائع الذى غزلته أنامل الشرفاء من أبناء هذا الوطن بخروجهم الى الشوارع والميادين للتأكيد على رفض تلك الجماعة ومنح القيادة السياسية تفويضًا مفتوحًا للمضى قدمًا نحو تطهير أرض الوطن من الأفعال المشينة التى ارتكبها فى حقنا هؤلاء "الخونة" حتى لا يكون لهؤلاء الإرهابيين أية فرصة للعودة مرة أخرى فى الحياة السياسية ولو بعد حين.
وأعتقد أن خروج الناس بتلك الجموع الغفيرة إلى الشوارع والميادين فى مظهر احتفالى رائع جاء ـ فى رأيى ـ لاستكمال المشوار الذى بدأناه منذ 30 يونيو تلبية للدعوة التى وجهها المشير عبد الفتاح السيسى للشعب من أجل السير فى خارطة الطريق نحو المستقبل المشرق بإذن الله.
نعم إن خروج الغالبية العظمى من الناس فى ذكرى ثورة يناير هو فى حقيقة الأمر من أجل البناء والتنمية وخلق المجتمع الجديد الذى كنا ننشده بعيدًا عن ظلم حكم الإخوان الذى "أرهقنا" كثيرًا و"حرق دمنا" على مدى عام كامل من جراء سياسات التمكين "البغيضة" التى كانت هى منهجهم فى الحكم الذى ذهب بلا رجعة.
وعلى العكس من ذلك تمامًا فقد جاء خروج أعضاء "المحظورة" فى ذكرى ثورة يناير من أجل خلق حالة من التوتر وإثارة الرعب وزعزعة الاستقرار وإشاعة الفوضى بين الناس مستخدمين الأسلحة الحية والخرطوش وزجاجات "المولوتوف" والقنابل والمتفجرات حتى تصل الرسالة إلى الخارج ـ من خلال إعلامهم "المضلل" ـ بأن أجهزة الأمن عاجزة عن فرض سيطرتها على الدولة وأنها عاجزة عن حماية المواطنين وهو هدف خبيث صاغته عقول أشد خبثًا فى التنظيم الدولى للإخوان الذى يحاول بشتى الطرق منح "قبلة الحياه" للجماعة التى تحتضر فى مصر والتى قد يتم الإعلان عن "موتها" قريبًا جدًا بعد أن تعرض بالفعل للموت "الإكلينيكى" منذ ثورة 30 يونيو وما تلاها من إجراءات قانونية أبرزها إعلان الجماعة منظمة إرهابية وحظر جميع أنشطتها.
واللافت للنظر أن ما حدث فى الاحتفال بذكرى ثورة يناير من عنف ودمار على يد "الجماعة المحظورة" لم يضعف من عزيمة الناس بل زادهم إصرارًا على استكمال الثورة.. التى ولدت على يد الشرفاء من أبناء هذا الوطن والتى بلا شك ستكون نقطة انطلاقنا نحو حياة أفضل.. فالفارق كبير بين يد تبنى وأخرى لا تجيد سوى حمل "المولوتوف"