لا يوجد شخص خلال السنوات الماضية لم يتورط فى تبنى نظرية مؤامرة، وهو ما جعلنا طوال الوقت أمام نظرية مؤامرة تقود لأخرى. وإذا سار الإنسان خلف نظرية المؤامرة سوف يحتاج إلى مؤامرات كثيرة لتفسير المؤامرات الأخرى، وهو أمر سوف يستنفد الجهد والوقت الذى يفترض أن يستغل للبحث عن حلول للمشكلات، التى تزيد من تأثير المؤامرات.. نقول هذا بمناسبة أننا أصبحنا دولة عظمى، ولدينا أوقات فراغ كثيرة، نقضيها فى فك شفرات المؤامرات، وإعادة تفسير الإعلانات، والربط بين أبلة فاهيتا، وتفجيرات الإرهاب، مثلما توصل العبقرى أحمد سبايدر، لنكتشف أن حوادث الطرق ومشكلة المرور لاعلاقة لها بالإهمال والفشل، وإنما بنظرية دوران «التوتوك» حول نفسه.
إذا تأملنا كلام الكثير من الزعماء والمحللين والاستراتيجيين، طوال 35 شهرا، نجد كلا منهم يخرج من مؤامرة ليدخل فى غيرها، ولأن العقل «مش دفتر» نرى نظريات متناقضة ومتقاطعة. المهم فقط أن يقدم كل تيار لنفسه حلا أو تفسيرا يرضيه ويريحه. ويوظف الشائعات حسب رؤيته، ويسعى لرسم خيوط تبرر المؤامرات وتمنحها حبكة وإثارة وتريح العقل من التفكير وتجعل الشخص مستسلما للذة المؤامرة، وطالما هناك من يتآمر فلا داعى لأن يشغل الشخص عقله أو يرهق ذهنه فى البحث عن حلول لمشكلاته.
سواء قبل أو بعد يناير 2011، كانت هناك نظريات مؤامرة جاهزة أو نظريات تفصيل، قبل وأثناء المظاهرات، كان رجال مبارك يعتبرون المظاهرات فى الأصل مؤامرة خارجية وأجندة، وبعد تنحى مبارك ظهر زعماء، وتم اتهام المجلس العسكرى بالتآمر للبقاء، ثم اتهامه بالتآمر مع الإخوان، بينما الإخوان اتهموا المجلس بالتآمر عليهم. وفى محمد محمود ومجلس الوزراء، كان النشطاء يتهمون المجلس العسكرى بالتآمر، والمجلس يتهم طرفا ثالثا، والإخوان يتهمون المجلس والنشطاء، بل إن الإخوان اتفقوا مع المجلس العسكرى على النشطاء، من أجل الانتخابات البرلمانية. وظلت نظرية المؤامرة ترفرف على الجميع قبل وبعد الانتخابات الرئاسية وفوز مرسى.
عاش الإخوان فى الحكم عاما كاملا فى ظلال نظرية المؤامرة، إذا فشلت الحكومة فهى مؤامرة، وإذا خرجت مظاهرة فهى مؤامرة، وتحدث الدكتور مرسى كثيرا عن مؤامرات الحارة المزنوقة، والصوابع اللى بتلعب، ناهيك عن فودة وعاشور وعامل الكهربا.
كانت أحاديث قيادات الجماعة ومرشدها هى الأخرى تتحدث عن مؤامرة من الإعلام والقضاء وأمريكا، وفى المقابل كان هناك، وما يزال، من يعتقد أن جماعة الإخوان واحدة من المؤامرات العظمى فى العالم العربى. ومن يربط بين الجماعة وما يجرى من إرهاب واعتراضات.
أما أن المؤامرة موجودة فهو أمر وارد جدا، لكن الأهم من ذلك أن كل من يتحدثون عن مؤامرات موجودة، لايتعاملون معها بما يفسدها، ومن الطبيعى أن من يعرف بالمؤامرة يمكنه مواجهتها، لكننا غالبا نجيد تشخيص المؤامرات، من دون أن نعالجها. فالذين يعتبرون الثورات مؤامرة، يتجاهلون أن الحكام المتسلطين والفاسدين والمستبدين هم أكبر مؤامرة.. وربما أكبر مؤامرة، هى الانشغال بحصر المؤامرات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هههههه
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
عزيزى المرشح - قبولك بنظام الفلول يعتمد على مدى براعتك فى لعبة صلح - صلح بقى
بدون