التاريخ بنفسه يشهد على قوتهم، ولديه من النماذج ما يؤكد على فاعلية تأثيرهم، ولكنه فى أغلب صفحاته غاضب عليهم، حتى أصبحت كلمة حاشية بتطوراتها اللغوية المختلفة مرورا برجالة الرئيس، ثم مستشاريه وصولا إلى اللفظ الأمريكى الشيك إدارة الرئيس، مرتبطة بفساد ما، أو كارثة قادمة فى الطريق، أو استفادة لا متناهية من رأس السلطة بغض النظر عن مصلحة البلد.. هذا موقفهم فى دولنا العربية ودول العالم الثالث، أما فى الجانب الغربى من الكرة الأرضية، التأثير هو وظيفتهم المعلنة، وتشكيل عقل الرئيس وتصوراته، ووضعها فى إطار خطة الدولة وما ينفعها هو مهمتهم.
وسواء كان ذلك فى دول العالم الثالث أو فى الجانب الديمقراطى من العالم، تبقى فى أيدى هؤلاء الرجال تلك الأقلام التى ترسم للحاكم – أى حاكم- الخطوط العريضة التى يسير عليها، وتحدد له الاتجاهات التى سيصوب نحوها، مع الوضع فى الاعتبار أن مؤهلاتهم فى دولنا العربية تنحصر فى الإخلاص والولاء، أما فى الجانب الآخر من العالم وتحديدا فى أوروبا وأمريكا، فأنت تتكلم عن سيرة ذاتية تعانى من حالة تضخم من الدرجات العلمية لصاحبها، والخبرات العملية وتاريخه الذى يمتلئ بالكثير من وجهات النظر والمواقف والخطوط الواضحة.
وبناء على هذا التناقض فى السير الذاتية يظهر الاختلاف فى طبيعة تأثير كل منهما.. رجال الرئيس فى دول العالم الثالث.. ورجال الرئيس فى الدول الأوروبية المحترمة، الفئة الأولى مهمتها تبرير كل ما يتخذه الرئيس من قرارات، أو دفعه إلى اتخاذ قرارات تخدم مصالحهم فقط، أما الفئة الثانية فتعمل وفق منظومة محددة ترسم للرئيس من وحى رؤيته، ومن وحى خلق مستقبل أفضل للبلد، خططا واستراتيجيات تساعده على تنفيذ ما يعد به، وعلى إيجاد حلول لما يقابله من عقبات.
على مدار تاريخ الجمهوريات الديمقراطية فى البلدان المتقدمة، يتضح هذا الأمر بسهولة، أن الرئيس ليس مجرد سلطان له الحق فى أن يستيقظ من نومه ليعلن لأمته قرارا ما، بل هو على رأس مجموعة من المستشارين يشكلون وعيه ورؤيته تجاه قضية بعينها، بشكل يخدم مصالحه ومصالح حزبه، ويعلو بأسهمه فى استطلاعات الرأى المختلفة، وفى نفس الوقت يحقق للبلد مصلحتها العليا.. والسفلى كمان.
تأثير هؤلاء واضح ومعروف للجميع، لذلك يبادر الجميع لدراسة طبيعة هؤلاء المقربين من الرئيس قبل دراسة شخصية الرئيس نفسه، اهتموا بالبحث عمن سيمنح الرئيس المعلومات التى ستشكل عقله، ومن سيظهر فى التلفاز ليتحدث باسم الرئيس، ويشكل صورته فى أذهان الناس، ستعرف شكل رئيسك وستحصل على صورة مستقبلية لأدائه السياسى.
عموما إذا أردت أن تترجم الكلام السابق إلى شىء ملموس على أرض الواقع، اجلس مع نفسك قليلاً، وحاول أن تضع أمام عينيك أسماء الرجال الذين يلتفون حول كل مرشح رئاسى محتمل، ويتصدرون المشهد للحديث باسمه.. حاول أن تقارن بين الأقلام والعقول والرجال التى كانت حول الرئيسين جمال عبدالناصر، وأنور السادات، والوجوه التى أحاطت بمبارك ثم محمد مرسى، وستعرف لماذا حصل الأول والثانى على الكثير من التقدير والاحترام، بينما حصل الثالث والرابع على الكثير من السخرية والكراهية والامتعاض؟..
كرر المقارنة بين كل الرؤساء أصحاب الإنجازات المحترمة وبين كل المرشحين الرئاسيين المحتملين.. قارن بين رجال هؤلاء الذين سبقوا، ورجال الذين يرغبون فى حل مكانهم، وستنجح فى رسم صورة مستقبلية للرئيس القادم، والأهم ستنجح فى اختيار مرشحك للرئاسة، حينما تعرف من سيشكل عقله وسيشاركه فى اتخاذ القرار..
القرار.. قرارك.. إما أن تختار مرشحا رئاسيا حوله رجال لا يعرفون سوى العزف على الطبلة، والبحث عن أماكن استغلال النفوذ، أو مرشح حوله رجال لا يبتغون من المشاركة فى السباق سوى وجه الله ثم وجه الوطن.
السابق من كلام لا هدف منه سوى دعوة كل مرشح يحظى بدعم الناس ان يلتفت جيداً إلى من يقفون بجواره ويتحدثون باسمه ويرسمون صورته بعقول الناس.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Mahmoud
كلامك يذكرنى
عدد الردود 0
بواسطة:
amr
بس مفيش الكلام ده في مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود فوزي
التعليق رقم 1 شكرا
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد حسن
مقال رائع
بجد مقال رائع أحييك عليه