كان النصف الأول من عام 2013 هو الفترة التى طغى فيها شيوخ الفتنة الذين قدموا أنفسهم بوصفهم رموز المرحلة التى تعد مصر لما أسموه بـ«المشروع الإسلامى الكبير» الذى سيعيد الخلافة، ويصحح كل ما فات من تاريخ مصر باعتبارها بلدا تم اختطافه لصالح مشروعات سياسية أخرى أقل ما توصف به أنها «كافرة».
فى هذا السياق تسابق شيوخ الفتنة فى تكفير كل من يعارضهم، وعاشت مصر على أطراف أصابعها يأكل سلامتها وأمنها خطاب هؤلاء الطائفى التحريضى، حتى بلغ ذروته الدموية بحادث قرية «أبومسلم» التابعة لمركز «أبوالنمرس» بمحافظة الجيزة، والذى أسفر عن مقتل أربعة من «الشيعة» والتمثيل بجثثهم، وجاء هذا الحادث بعد أيام من مؤتمر «نصرة سوريا» فى استاد القاهرة، والذى دعا إليه هؤلاء الشيوخ، وحضره الرئيس مرسى، وردد الدعاء بالهلاك على المصريين الذين يعارضون الرئيس وراء محمد عبدالمقصود أحد هؤلاء الشيوخ، كما جاء الحادث بعد أسابيع أيضا من مؤتمر دعت إليه «الجماعة الإسلامية» فى ميدان «النهضة» تحت عنوان: «لا للعنف»، لكنه كان نموذجا فى الدعوة إلى العنف.
يكفى مثلا أن المؤتمر جاء بوالدة خالد الإسلامبولى قاتل السادات، وقدمها صفوت عبدالغنى أحد أبرز قيادات الجماعة الإسلامية والمتهم فى قضية اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب عام 1990، وكاد يبكى وهو يقدمها بوصفها «أم المصريين الشرفاء»، كان هذا المؤتمر رسالة لا لبس فيها عن أن «الإرهاب» يكمن فى نفوس هؤلاء، وأن ممارسة السياسة منهم ليست إلا غطاء تتم إزاحته وقت اللزوم، وأن حديثهم عن المراجعات التى أجروها لنبذ العنف، ما هو إلا كذبة كبيرة، الأغرب أن «الجماعة الإسلامية» لم تكتف بذلك، بل دعت فى شهر مارس إلى تشكيل شرطة خاصة تشرف عليها، وبدأت بالفعل فى تنفيذ دعوتها بمدينة أسيوط، وكان ذلك نموذجا فى العمل من أجل تفكيك مؤسسات الدولة، وعلينا أن نتخيل مثلا شرطة من هذا الصنف يشرف عليها إرهابيون من عينة «عاصم عبدالماجد» الذى قتل العشرات فى أسيوط وقت اغتيال السادات فى أكتوبر عام 1981، وساهم بفتاواه الضالة فى رمى شباب من جماعته فى محرقة قتل أبرياء لسنوات طويلة، ولو ربطنا ذلك بما قاله أبوالعلا ماضى بأن مرسى قال له إن جهاز المخابرات قام فى عهد عمر سليمان بتكوين تنظيم لـ«البلطجية» قوامه 300 ألف، لعرفنا أن سيناريو تفكيك أجهزة الدولة كان يسير على قدم وساق، وأن هناك توزيعا للأدوار بين رعاة هذا السيناريو.
بالطبع لم يكن يمر يوم على شيوخ الفتنة الطائفية إلا وكانوا يكيلون السباب والشتائم ضد المسيحيين، وكانت الفضائيات الدينية نموذجا فى التحريض ضدهم بدءا من تحريم التهنئة بأعيادهم، ومرورا باعتبارهم «أهل ذمة»، وانتهاء باتهامهم أنهم هم الذين يخرجون فى المظاهرات ضد مرسى وحكم جماعة الإخوان.
فى هذا الجرد تطول قائمة شيوخ الفتنة وإعلامييها التى سيطرت على نصف عام 2013، ويتصدرها أسماء مثل وجدى غنيم، حازم صلاح أبوإسماعيل، عاصم عبدالماجد، محمد عبدالمقصود، خالد عبدالله، عاطف عبدالرشيد، وصفوت حجازى.