الذين يتحدثون باسم الشعب ونيابة عنه أكثر ممن يتحدثون معه، وهناك حالة من اليقين لدى زعامات يتصورون أنهم يعرفون مصلحة الشعب وما يريده، مع أن نفس هؤلاء يسارعون باتهام الشعب أنه لا يعرف مصلحته ولا ما يريد.
وسوف تجد كثيرين ممن تصدروا المشهد السياسى خلال السنوات الثلاث الماضية يصحبون كلامهم بالقول «الشعب عاوز كده»، بينما هم فى الواقع يلبسون الشعب أقوالهم وإرادتهم.
الشعب بسيط لدرجة التعقيد، وفكرة الأغلبية الصامتة ليست بدعة فى الشعب المصرى لكنها فى كل الشعوب حيث الأغلبية لا تطرح نفسها للانتخابات وإنما لها مطالب، تتحدث فى السياسة من دون أن تمارسها، تنصت أكثر مما تتحدث أو تحلل، هؤلاء غالبا وقعوا طوال شهور طويلة ضحايا لعمليات تضليل وآراء متناقضة، صوتوا فى استفتاءات وانتخابات بناء على قناعات أو بضغوط قناعات أخرى استمعوا فيها لمن يقول ويتكلم ممن رأوا أنه يفهم أكثر.
قلنا إن هناك خيارات أخرى للشعب تختلف عن من يحاولون حبسه فى «خياراتهم» التى تتركز فى حبسهم بين مبارك ومرسى، أو الوطنى والإخوان، بينما هناك أغلبية مطالبها بسيطة، تريد الستر والاستقرار والعدالة، بعد سنوات من التهميش والظلم.
وعلى من يتصدون للعمل العام أو يدلون بآرائهم ويقدمون أنفسهم كمتحدثين باسم الثورة أو الناس أن يقبلوا النقد، ويعلموا أن ليس كل نقد هو انحياز ضد الثورة التى ليست ملكا لأحد، بل هى للجميع، وانتقادهم لا يعنى عداء او خصومة، لكنه فراغ صبر بعد شهور من الحيرة، وخطاب خشبى مكرر لا يحمل أى درجة من الأمل، مع العلم أن نجاح أى فعل تغيير هو فى الأصل، منح الأمل فى التغيير، وليس زرع اليأس.
ثم أن هؤلاء الزعماء لم يجيبوا أبدا على سؤال أنهم وإن كانوا قادرين على حشد مئات وآلاف فى المظاهرات، يعجزون عن حشد الناس للانتخابات، والنجوم الذين تصدروا المشهد لم ينجحوا فى الوصول للقيادة، ويعلقون عجزهم على شماعات مختلفة ولا يجيبون على سؤال: لماذا تراجعت شعبيتهم وفقدوا الثقة التى كانت كبيرة؟، وهناك جمهور كان دائما مع الثورة لكن هؤلاء يحتاجون إلى الإقناع والحوار ليكونوا شركاء، وليسوا فقط متفرجين.
الشعب ليس قطعة واحدة، لكنه فئات وطبقات ومصالح، فى مواجهة مصالح أخرى للمال والسلطة، وفى النهاية مطالبه واضحة، وأحيانا تكون أوضح من مطالب و«بغبغات» مكررة، الواضح أن هناك من يتحدثون باسم شعب لا يعرفونه، بينما الشعب نفسه يريد من يتحدث معه، أكثر مما يريد من يتكلم باسمه.