الأمل كبير لدى المصريين أن يخرجوا إلى رحابة الحياة، ويودعوا المنغصات، ويجدوا أنفسهم على بداية طريق للصعود، ويتجاوزوا هذا الجدل والاكتئاب السياسى والاستقطاب الذى يستنفد جهدهم ووقتهم. المصريون لايطلبون المستحيل وأحلامهم بسيطة جدا، قبل الدستور وبعده. ومعروف أن التحريض على الحياة، أصعب من التحريض على الموت، الذى يصنعه تجار الموت والسلاح، ولاعبو الثلاث ورقات فى عالم السياسة. مصر فى حاجة إلى الأمل، وليس الى ممثلى الكاميرات. ممن يزرعون اليأس، ويمارسون الاكتئاب باستمتاع.
حلمهم أن يعيشوا حياة بلا منغصات ولا مطبات. يضحكون من القلب. يحلمون بحياة آدمية خالية من الملوثات والأمراض المزمنة والطرقات الخطرة، والقطارات المتصادمة. وأن يجد كل شاب عملا، يرتقى فيه حسب قدراته، ولا يضطر للسفر إلى كفيل يستعبده، أو مركب يغرق به. الأب يتمنى يرى ثمرة جهده، فى تربية أبنائه، والأم تريد أن ترى ناتج دعواتها، وسهرها، شبابا وبناتا يعتمدون على أنفسهم.
يحلم المصرى بأن يأكل طعاما، نظيفا وخاليا من المبيدات والمواد المتسرطنة. رغيف بدون طوابير، أو مسامير. ومواصلات إنسانية تنتظم فى مواعيدها، وتركب القطار من دون أن تقرأ الشهادتين، وأن يذهب الناس لأعمالهم فى أقل من ساعتين، وأن يمشوا على رصيف من دون أن يقعوا وتتحطم عظامهم . وإذا مرضوا أن يجدوا مستشفى إنسانيا لايبتزهم، ولا يلقى بهم للشارع والتهلكة. مستشفيات تعالجهم ولاتقتلهم، وأنهم يلاقون اهتماما وعلاجا لأمراض الكبد الوبائى والفشل الكلوى، والمياه الملوثة وتزوير الانتخابات. وأن يمتلكوا إرادتهم وألا يتم سرقتها من أصحاب المال أو دجالى العقائد وتجار الدم. وأن يجدوا أنهم فى بلد النيل، يشربون ماء نظيفا خاليا من المجارى.. ويأكلون خضارا وفاكهة خالية من السموم.
الناس نفسها فى وظيفة من غير واسطة، ودخل يكفيهم وحكومة تعمل عندهم ولا يعملون عندها، ووزراء يستقيلون إذا أخطأوا، ويعتذرون إذا فشلوا، وحكومة لا تعايرهم. أحلام بسيطة، ليست مستحيلة، لكنها تحتاج إلى إرادة، يومها سوف يكون المواطنون مستعدين للتضحية، وتحمّل المزيد من أجل المستقبل بشرط أن يصدقوا.
لقد ضاعت السنوات الثلاث الماضية، فى تمثيليات المحترفين، وانتهازية المتقافزين حول السلطة، وأمام الكاميرات، ولا تزال تواجه المزيد من المعارك الوهمية. لقد كانت مطالب الشعب دائما واضحة وبسيطة، بينما مصالح الانتهازيين عميقة ومعقدة. والمصريون فى انتظار الأمل.