عبدالرشيد محمودى، شاعر وكاتب قصة ومثقف كبير، ومتخصص فى طه حسين، ونجح فى لملمة مقالاته المكتوبة بالفرنسية وترجمتها، وهو أيضًا خبير فى الأمم المتحدة، بعد تجاوزه السبعين كتب رواية «بعد القهوة» التى فازت بجائزة الشيخ زايد هذا العام، ولأن الرجل عازف عن الأضواء، ولا يوجد ضمن شلة، لم يهتم بشأنه أحد، رغم سمعة الجائزة الطيبة، والتى قالت «تستلهم الرواية التقاليد السردية الكلاسيكية والعالمية الأصيلة، وتبرز مهارة السرد وسلاسة المؤلف فى الانتقال، ودقته فى تجسيد الشخصيات من الطفولة إلى الكهولة، بالإضافة إلى تجسيد دقيق للعالم الروائى، ورسم فضاءات، وتحليل الشخصيات فى حالة تقلباتها بين الأمل والانكسار، والجمع بين الواقع والأسطورى فى إهاب واحد».
لكن الدكتور صلاح فضل الذى كان عضوًا سابقًا فى هذه الجائزة كان له رأى آخر، كتب فى «المصرى اليوم» قبل أسبوعين مقالًا غريبًا، بدأه بالثناء على العمل، لكنه قال إن الرواية فازت بضربة حظ، وإن موهبة كاتبها السردية متوسطة، وإن الرواية تشبه «بيضة الديك»، و«لا تعد بمعجزات مستقبلية مدهشة».
المشكلة هى أن «فضل» يجهد نفسه، ويجهد نفس القارئ فى سلب الرواية ما تستحقه من تقدير يسلم به صراحة وضمنًا، فنظرًا لأن الرواية تقترب فى نظره من السيرة الذاتية، فإنها تتناول فيما يقول «تجارب حميمة ولحظات تشكل اللحم الحى للسرد»، لكنه يعود فيقول مناقضًا نفسه إن الرواية تستخدم تقنية «الصدى البعيد»، أو تقنية «التبريد» و«التقطير»، ولا تتناول الأحداث فى حالة المضارعة، ولا تقبض على «جمرة الواقع».. أنت أمام رواية جميلة وجائزة محترمة.. وناقد متربص.