كريم عبد السلام

السحابة السودا

السبت، 11 أكتوبر 2014 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السحابة السوداء فى عقولنا وفى طريقة إدارتنا لهذه الكارثة البيئية والصحية التى تعادل بالضبط إقدام مائة ألف من المصريين سنويا على الانتحار.

من غير المعقول أن تظل الكارثة قائمة لأكثر من عشرين سنة، بل وتتفاقم رغم كل الإجراءات والضوابط والعقوبات التى أعلنت عنها الحكومات المتعاقبة خلال السنوات العشرين، ورغم الحملات الإعلامية والتوعية المستمرة بضرورة علاج أسباب هذه السحابة المشؤومة.

معروف أن موسم السحابة السوداء يبلغ ذروته مع موسم حصاد الأرز، الذى تبدأ معه عمليات حرق القش والمخلفات الزراعية، وكان عندنا أمل أن تتعاون وزارات الصحة والزراعة والبيئة لاستبدال عمليات تدوير المخلفات بجريمة حرقها التى تمثل كابوسا على الصحة العامة وتسبب أمراضا تؤدى إلى الوفاة، لكن لأسباب إدارية وبيروقراطية ولغياب الانضباط فى المتابعة تحولت عملية تدوير المخلفات إلى نماذج لا تحتذى، وواصل المزارعون ما يفعلونه من إضرار وإهدار، كما استمر المسؤولون فى مواقعهم منتظرين أن تنزل معجزة من السماء تغير سلوكيات مزارعى الأرز فى عموم الدلتا. ظاهرة الحرق العشوائى هذه لم تعد حكرا على مزارعى الأرز فى محافظات الدلتا، وإنما امتدت إلى محافظات القاهرة الكبرى، وبدلا من أن تكون ظاهرة موسمية مرتبطة بحرق قش الأرز، تحولت إلى ظاهرة دائمة لارتباطها بحرق القمامة فى الشوارع بما تحتويه من مخلفات صلبة وكميات كبيرة من مادة البلاستيك شديدة الضرر بالصحة حال اشتعالها.

كما تحول الحرق إلى سلوك بعد أن اعتمدته جماعة الإخوان الإرهابية للإضرار بمؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة، فأصبح أى مواطن ينوى الإضرار بخصومه يحرق أملاكهم أو ما يخصهم، وأى مواطن يريد التخلص من مخلفاته يحرقها على سطح بيته أو فى الشارع أمام منزله، حتى تحولنا إلى بلد اللاعبين بالنار والمكتوين بها فى الوقت نفسه.

أعود إلى ما بدأت به، من أن السحابة السوداء فى عقولنا وفى طريقة إدارتنا، فلو أن كل شيخ قرية وعمدة ورئيس حى مسؤول فعليا ويعاقٍب ويُعاقب على أى بوادر للحرق أو تلويث البيئة، لجففنا منابع السحابة السوداء، ولو أن هناك قوات تساعد المسؤولين الإداريين على ردع المخالفين لمنعنا السحابة السوداء، ولو أن الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى أدارت مشروعات تدوير المخلفات بما يرضى الله، لما وصلنا إلى نسبة التلوث والمناخ الفاسد الذى نعيش فيه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة