جاء فوز الروائى الفرنسى باتريك موديانو بجائزة نوبل هذا العام مفاجئا للعرب والإنجليز، لأنه لم يترجم فى لغتى الثقافتين بالشكل الكافى، عندنا لم نعرف له سوى ، "مجهولات " ترجمة رنا حايك " ومقهى الشباب الضائع" ترجمة محمد المزيودى، فاز "بسبب تمكنه من فن الذاكرة الذي أنتج أعمالا تعالج المصائر البشرية العصية على الفهم، وكشف العوالم الخفية للاحتلال" ،كما جاء فى الحيثيات، حياة الرجل الذى ولد سنة 1945مليئة بالمآسى، وخصوصا فى فترتى الطفولة والمراهقة، فهو بعد صدام عنيف بينه وبين والده المتهم باضطهاد اليهود، ترك البيت وهو فى السابعة عشر، مات الأب ولم يعرف أين دفن ، وغياب الأب كان يعنى غياب الأم، وكان عزاء موديانو فى ملازمة شقيقه الذى مات هو الآخر فى سن العاشرة.
هذه المرحلة المأساوية صنعت قدر الكاتب الذى أرخ لباريس الستينيات، وفى ذهنه صورة أبوه الغامض المطارد وشبه المجهول، يقولون أن الحائز على نوبل يعمل بعيدا عن الأنظار، وحياته تشبه شخصياته، لأنه كما كتبت رنا حايك فى تقديمها ل "مجهولات" (ميريت 2006) قضى حياته مسكونا بهاجس الفقدان، يحاول لم أشلاء ماضيه وانتمائه من خلال كتابة مشاهد من حياته الخاصة وأسماء شوارع مر بها، وملاجئ سكن فيها، وهو ايضا ليس كاتبا موغلا فى المحلية كما يبدون ولكنه سليل العالم الأوسع، ضياع أبطاله هو ضياع للفرد الفرد بشكل عام "فى عصر يتفنن فى افزدواجية والمكر وأكاذيب الأسطورة البطلن واوهام الأحلام المنهارة"، فوز موديانو فرصة للتعرف على نجم جديد يمتلك حكاية أخرى.