عبد الرحمن كمال

عودة الباعة لوسط البلد عبر أنفاق المترو.. واقع يتشكل ببطء

الأحد، 12 أكتوبر 2014 09:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مثل خلو شوارع وسط البلد بعد نقل الباعة الجائلين منها صدمة وصلت إلى حد الدهشة، فالأمر متعلق بالثقافة، حتى أن كثيرين حلموا أحلاما وردية بعودة القاهرة الخديوية الباريسية، لكن الكهرباء انقطعت فتذكر الجميع أن آلة الزمن لم تعد إلى عهد الخديو إسماعيل وإنما إلى عهد أكثر قدما «انقطاع التيار بات يمثل دائما عامل إفاقة من أى مفاجأة سعيدة ومدهشة».

لم ينطو الأمر على وسط البلد فقط ففى الميادين الكبرى تكررت المحاولات لكن إحداها نجحت فجأة بالتزامن مع ما حدث فى وسط البلد وكأن المعجزة أسدت إلى آخرين إلهاما بإمكانية تكرار المعجزة، ففى العجمى بالإسكندرية حاولت قوات الشرطة والجيش ونجحت على الرغم من مقاومة الباعة.

فيما يتعلق بالمعركة مع الباعة دافع البائعون عن أنفسهم باستخدام الأسلحة فكانوا يفرشون الفرشة ويضعون تحتها السلاح ولا توجد بيانات عن استخدام الأسلحة فى المواجهات لكن المؤكد أن العنف استخدم على نطاق واسع، وهناك دليل قاطع على أن الإزالة تمثل أمرا أشبه بالمعجزة فلقد ظهر بائع «ليس جائلا» وقال إن إجبار الباعة على ترك وسط البلد بمثابة عودة للأمور إلى سياقها بعبارة «مصر رجعت تانى لينا».
نتائج إزالة الباعة من وسط البلد كانت خفض معدلات الزحام بشكل ملحوظ فى وسط البلد فلقد تحولت إلى منطقة «رايقة» فضلا على انخفاض معدلات التلوث والضوضاء وارتفاع معدلات السيولة المرورية، كما بدت المحلات خصوصا الملابس والأحذية كرابح أكبر من كل الرابحين فضلا على ذلك انتشرت المدرعات فى شارع طلعت حرب وشوارع أخرى فى وسط البلد.

حالة الباعة الجائلين فى مواقعهم الجديدة لا تسر عدوا ولا حيببا فالأمر يبدو مثيرا لعلامات الدهشة فالبائعون لا يبدون أى اهتمام بمبيعاتهم، كما كان الأمر فى الماضى، كما أن أعداد المترددين على الترجمان أقل بكثير مما هو معتاد كما أن الشعور بالحزن يسيطر على من فقدوا أيام العشرة والصخب وباتوا معزولين.

تسعى محافظة القاهرة لإزالة الباعة من منطقتى رمسيس والعتبة وهى المعركة الأضخم حتى إن أحد المتحدثين باسم الباعة الجائلين قال إنه يخشى من المواجهات التى قد تتفتق عنها الأحداث بينما ستكون الأجهزة التنفيذية على موعد مع ما يسمى تسرب الباعة الجائلين فقد تواترت أخبار بأن الباعة الجائلين المبعدين من منطقة وسط البلد، يستعدون للعودة مرة أخرى لشوارعها، مستغلين انسحاب قوات الأمن بعد حادث تفجير وزارة الخارجية.

رحلة العودة إلى وسط البلد ستظل هاجسا دائما لدى الباعة فمحطات المترو مثلت مأوى جديدا لهم «أعداد الباعة فى محطة مترو العتبة لا يمكن تصورها كما أن زيادة الأعداد داخلها خصوصا أنها واسعة تدعو للقلق» فلابد من تعميم الأمر على محطات المترو أيضا لحماية الشوارع من تسرب الباعة إليها.

بعض الباعة تحولوا للتجول فى مناطق أخرى جديدة بدلا من الوقوف فى الترجمان كما أن عددا منهم بدأ فى البحث عن مستقر جديد، فالبائع الجائل لا يمكن له إلا أن يعيش فى الصخب وبين الناس فمن يعش جائلا لا يمكنه إلا أن يكون فى الشارع أما الترجمان فهو موقف، هكذا قال أحدهم.

الباعة غير قادرين على نسيان الأرباح الرهيبة التى كونوها على مدار سنوات وإذا علم كثيرون حجم المبيعات والمكاسب التى يجنيها فإنهم سيتحولون إلى باعة دون أى شك، لذا سيبدو منطقيا أن يطرقوا أبواب العودة خلال الأيام المقبلة، إلا لو استطاعت القوات الوقوف حائلا دون تلك المحاولات المتوقعة فاستمرار وسط البلد بتلك الحالة من شأنه علاج كل الأمراض التى تسللت إليها وعلى رأسها الزحام والتحرش، كما أن تلك خطوة أولى لتحويل القاهرة إلى مدينة سياحية بدلا من كونها عاصمة للفوضى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة