بمناسبة ذكرى ماسبيرو المقبضة أنقل بعضا مما نشرته فى اليوم التالى: رجال الدين الرسميون من الطرفين يقومون بمهامهم الموسمية كرجال إطفاء، لن يتحدث أحد عن فصائل الدم الذى سال، كلهم سيرفضون الوقيعة بين الشعب والجيش الذى حمى الثورة. لن يتحدث أحد عن افتقاد ابتسامة مينا دانيال التى كانت تلوح لك وأنت تتجول فى وسط البلد لتؤكد لك أن الثورة نجحت أو فى طريقها للنجاح، سيدخل عبر الهاتف شيوخ الفتنة ليقولوا لك إن الأقباط لهم كل الحقوق وإنهم ضد الفتنة، والمؤامرات الخارجية موجودة بالطبع، ناهيك عن دور البلطجية وفلول النظام السابق، ولا بأس من شوية سيف اليزل. وسط البلد ليلة الأحد كانت خارجة من حرب، كنت تمشى منتظرًا خروج أشباح تم إطلاقها بفعل فاعل، تنتظر خروجها مع كل التفاتة، اختفى أصدقاؤك فجأة، تبحث عن مكان مضىء تعرف فيه أحدا دون جدوى.
تقف أمام دار القضاء العالى حتى يمر عشرات الشباب الذين يهتفون ببذاءة ضد أشقائنا المسيحيين، شباب لا يشبه شباب الثورة، لا تعرف كيف تجمعوا ومن أين أتوا؟ تكون إلى جوارك سيدة خمسينية تستند إلى السور الحديدى الذى يحوط محطة جمال عبدالناصر مرتجفة، وتنظر إلى الذين ينتظرون انتهاء الغارة العنصرية المقبضة حولها، وتردد بدون توقف «ما حدش يرد عليهم.. اللى بيشتم بيشتم نفسه»، بكيت وشعرت بالخوف، تفاديت الطرق الجانبية التى عادة ما أستخدمها للوصول، لم أكن متحفزًا كما يفعل الذين تلتقى عيناك بأعينهم، ليست هذه هى القاهرة المتسامحة الآمنة الآسرة الدافئة الحنونة الجميلة، وليس هؤلاء أهلك.