لا أعرف كيف يمكن أن نربى أبناءنا على الفضيلة واحترام خصوصية الآخرين ويوجد من يعلن دون حرج (أنا مشغل جواسيس بلدياتى فى وسط الطلبة يأتونى بالمعلومة طازة) كما قال الدكتور حسين عويضة رئيس نادى أعضاء هيئة تدريس جامعة الأزهر للإعلامى المتميز محمود سعد فى برنامج آخر النهار!
ترى.. ما الذى يجعل أستاذ جامعى ينشغل بالتجسس على الطلاب؟ هل فقدت أجهزة الأمن قدراتها المباحثية على الرصد والمتابعة فقررت الاستعانة بالدكتور وجواسيسه؟ أم أن هذه الأجهزة طلبت من الدكتور أن يتعاون معها ويمدها بحفنة جواسيس تساعدها على اختراق تجمعات الطلاب وكشف المشاغبين منهم؟ وإذا كانت الأجهزة الأمنية فعلت ذلك حقا فهل يصح أن يعلن الدكتور على الملأ هذا التعاون المريب، أم ينبغى أن يظل طى الكتمان حتى يتمكن فريق الجواسيس الخاص به من العمل بهدوء دون أن يلحظ أحد؟
إن أسوأ ما يتعرض له إنسان فى مصر أن يقال له إنه يعمل «أمن» للمباحث أو مرشدًا على زملائه وجيرانه وأصدقائه، وكم شهدنا من أعمال درامية تفضح هذه الشخصية وتدين هذا السلوك الشائن!
أجل.. لقد أجرم الإخوان وتجار الدين فى حق هذا البلد إجرامًا لا حدود له، وخدعوا الآلاف من الصغار والطلاب حتى جروهم إلى ممارسة العنف وحرق البشر والحجر والشجر، لكن هذا لا يعنى أن يفقد المجتمع رشده ويزاحم الأساتذة ضباط الأمن فى عملهم، وبدلا من أن نشيع بين الطلاب فضائل الانكباب على العلم والتحصيل الدراسى وإعمال العقل، ندربهم على كيفية التجسس على زملائهم والإبلاغ عنهم.
إن مهمة مواجهة الإرهاب وتجار الدين تستلزم تضامن كل مؤسسات الدولة وتعاونها فى هذه المواجهة، فإذا كانت أجهزة الأمن تتولى المراقبة والرصد والتحليل وتوقع الجريمة قبل حدوثها وإجهاضها، وهو ما نتمنى أن يحدث، فإن واجبات أساتذة الجامعة ينبغى أن تنهض على حض الطلاب على التفكير ونشر قيم التسامح وقبول الأفكار المخالفة لقناعتنا بصدور رحبة.
كنت أود أن يهتم دكاترة الأزهر بإشاعة روح عشق العلم والمعرفة بين الطلاب بدلا من الانشغال باختيار من يصلح منهم للتجسس على زملائه!