حسنا فعلت جريدة القاهرة حين نشرت فى عددها الأخير الثلاثاء 14 أكتوبر فصلا ترجمه مصطفى نور الدين من أحدث روايات الفرنسى باتريك موديانو (حتى لا تضيع فى الحى)، الذى قطف جائزة نوبل لهذا العام، حتى يتسنى لنا التعرف أكثر على عالم هذا الروائى الكتوم.
حقا.. لقد أثبتت جريدة القاهرة منذ تأسيسها قبل 15 عامًا تقريبًا، أنها صحيفة قادرة على لمس نبض الحركة الثقافية، ويبدو أن رئيس تحريرها السابق الأستاذ صلاح عيسى - هذا المثقف المشاغب الجميل - عرف كيف يصطاد المعانى الرقيقة، والأفكار الجريئة ليطعم بها «القاهرة» التى ظل يقودها منذ التأسيس وحتى أسابيع قليلة فائتة.
أما رئيس التحرير الجديد الأستاذ سيد محمود، فهو أحد المبدعين الذين يتكئون على موهبة صحفية متدفقة، ومدعومة بثقافة عريضة ومتنوعة، وقد بدا هذا واضحًا فى العددين اللذين صدرا تحت إشرافه، ولكن عندى ملاحظتان أرجو أن يتسع صدره لهما.
الأولى هى.. ألم يكن من الأفضل إصدار القاهرة فى ثوب جديد وشكل مغاير، بدلا من أن تكون أسيرة شكل قديم صدرت به الجريدة فى القرن الماضى؟
إن التجديد والتطوير هما السلاح الأكثر مضاءً فى الحفاظ على القارئ، وجذب قراء جدد، وأظن أن الشاعر الصديق سيد محمود يدرك ذلك تمامًا.
أما الملاحظة الثانية، فهى عدم التعامل بجدية مع أصول الكتابة العربية من حيث استخدام النقطة والفاصلة وعلامات الترقيم إلى آخره، وليت القاهرة تعيد للدقة اللغوية بهاءها المفقود فى كل مطبوعاتنا الصحفية.
يبقى أن نسأل وزير الثقافة الدكتور جابر عصفور هذا السؤال المطروح بقوة فى الوسط الثقافى، وهو.. هل تكفى جريدة القاهرة لتمثل الوجه المشرق لحضارة مصر وتاريخها وطموحاتها فى المستقبل؟ ألم يحل الأوان لتصدر مصر مجلة ثقافية ذات نزعة عربية تليق ببلد شوقى وطه حسين ونجيب محفوظ وأم كلثوم وعبد الوهاب ويوسف وهبى وفاتن حمامة؟
ليس عندى شك فى أن «القاهرة» ستتخذ خطوات مهمة فى التطوير والتجديد، ولكن هل تكتفى مصر بمطبوعة واحدة؟