افتتح المخرج اليابانى الكبير أكيرا كوروساوا مذكراته «ما يشبه السيرة الذاتية» بحكاية مرهم الضفدع التى انتشرت فى كل شوارع اليابان فى سنوات الحرب، وكان هذا المرهم لعلاج الجروح والحروق، سمع أنه كان يتم تحضيره بالطريقة التالية: بعد أن يصطادون الضفدع المسكين، يضعونه فى صندوق صغير، تغطى جدرانه بالمرايا، الضفدع المسكين المرعوب لتوه، يرى صورته منعكسة على هذه المرايا، فيبدأ فى إفراز مادة دهنية شبيهة بالعرق، يجمعون فيما بعد هذا «العرق الإجبارى» عن جلده بكشطه ويغلونه لبضعة أيام، وهكذا يستخرجون مرهما ثمينا، لا تجود به الأوقات دائما.
المخرج ساق هذه الحكاية قبل أن يكتب سيرته، وقال: «أعتقد أن تكتب عن نفسك، تماما، هذا يعنى أن تجلس بين أربعة جدران مغطاة بالمرايا، وأن تحدق فيها، تريد أو لا تريد، تجلس وتراقب نفسك من زوايا مختلفة فتحس بأنك مختلف بعض الشىء عن ذاتك»، صاحب فيلم دون أسف على شبابنا، والأحلى دائما، تعرق بما يكفى وهو يكتب سيرته التى صدرت مؤخرا عن مكتبة الأسرة بترجمة فجر يعقوب، ولكنه بحكاية الضفدع هذه فتح بابا للعزلة التى يشعر بها الكاتب الذى يتردد فى الفضفضة الصحفية، وخصوصا عندما تجد نفسك أمام معضلات أشبه بالأسئلة الوجودية، كأن تكون متفهما لإجراءات متعسفة وفى الوقت نفسه تنشد الحرية المطلقة، كأن تقف مضطرا فى خندق مع شخص ولا يوجد أمامك حل آخر، فقط لأن عدوكما واحد، صاحب راشمون والساموراى السبعة والأحلام واللحية الحمراء هو من أهم صناع السينما فى تاريخها وأشهرهم لأنه كان بسيطا لدرجة مربكة.