لا يمر يوم دون الحديث عن التحالفات الانتخابية المزمع تكوينها لخوض انتخابات مجلس النواب القادم، تحملنا أخبارها إلى أن الحزب الفلانى سيتحالف مع الحزب العلانى، وأن كليهما على وشك الإعلان عن تحالفهما، وفى اليوم التالى نقرأ تصريحات صادرة من الحزبين تتحدث عن خلافات عميقة بينهما تعرقل التوصل إلى تكوين تحالف موحد بينهما، والغريب فى ذلك أن نرى الخلافات وقد تفجرت بينهما فى خلال 24 ساعة.
فى حديث التحالفات نسمع عن اجتماعات ولقاءات تتم على طريقة «سمك لبن تمر هندى»، فهذا حزب لا تجمعه رؤية مع حزب آخر بينما يتفق الاثنان على التحالف، وهذا حزب قريب من حزب ثان ومع ذلك لا يتفقان على التحالف.
فى حديث التحالفات نسمع عن أطراف ترى فى ثورة 25 يناير مؤامرة كبيرة، وتتحاور فى نفس الوقت مع أحزاب مؤيدة للثورة، نرى شبابا كانوا فى قلب الثورة وفى طليعتها يتباحثون مع أعداء للثورة حتى لو تجملوا.
يتحدث المتشدقون بأهمية التحالفات عن بعبع اسمه جماعة الإخوان التى قد تدفع بمرشحين لها فى الانتخابات، غير أن الذين يدفعون بهذه المخاوف لا يفعلون على الأرض الفعل المؤثر الذى يجذب الناس إليهم بدلا من انجذابهم للإخوان.
فى حديث التحالفات يتم طرح اسم «فلان وعلان» على أنه سيتصدر القائمة الفلانية، وأنه سيكون رئيس البرلمان القادم، و«فلان» سيكون وكيل المجلس، و«علان» سيكون من رؤساء اللجان، وإن دل ذلك على شىء فإنه يدل على عقم التفكير، وقتل أى خيال سياسى، وحسابات افتراضية لأحد يعرف إن كانت ستتحول إلى واقع حقيقى أم لا؟
فى حديث التحالفات تطلع أسماء فجأة على أنها ستكون الورقة الرابحة فى حال ترشيحها، وفى الحقيقة لا تجد لهذه الأسماء أى تأثير جماهيرى على الأرض، نعم ربما يكون اسم معين كان وزيرا ناجحا أو مسؤولا أنجز شيئا ما، لكن من قال إن الانتخابات تقوم على هذه القاعدة وفقط، من قال إن الوزير الناجح مثلا يستطيع أن يحوز أصوات الناخبين بسهولة؟ الذين يروجون لذلك، أو يتبنون هذا الفهم يغفلون حقيقة أساسية، وهى أن الناخبين يمنحون أصواتهم المرشح الذى يعيش تحت جلدهم، المرشح الذى يتنفس معهم كل صباح نفس هوائهم، المرشح الذى يكون تحت أمر دائرته بحق، ولو نظرنا إلى أسماء نجحت فى انتخابات سابقة أيام مبارك وكانت شرسة فى معارضتها، لتأكدنا بالفعل أن المعايير التى نتحدث عنها هى بالفعل المعايير التى تحمل أى مرشح إلى البرلمان، هى التى تقوده إلى شرف تمثيل ناخبيه.
فى انتخابات 2000 و2005 سقط عشرات من المرشحين رغم أنهم كانوا يحظون برعاية من الأمن وأحمد عز وجمال مبارك، وكان ذلك أكبر دليل على أن الناخب يعطى صوته المرشح الذى يعيش تحت جلده، وتتعفر قدماه بالتراب الذى يتعفر منه أبناء دائرته.
هل تعى الأحزاب الحالية التى تصدعنا بالتحالفات تلك الحقائق؟ هل تعى أنها تطرح أسماء تحتاج إلى إعادة تدقيق؟ هل تعى أن الناخبين لا يشعرون بالتواجد الحزبى الحقيقى؟ وهل تعى أن أسماء مثل الدكتور كمال الجنزورى وعمر موسى وغيرهما ليس شرطا أن يكونوا ملهمين للناخبين كما قد يظن البعض؟