نالت المجموعة 39 بقيادة البطل إبراهيم الرفاعى شهرة فى الصحافة ووسائل الإعلام، لتنفيذ عمليات فدائية خلف خطوط العدو بعد نكسة 67، وهى تستحق، خاصة أنها أسهمت بشكل كبير فى رفع الروح المعنوية للجنود، اليوم ونحن فى شهر الانتصارات بعد 41 عاما من ذكرى أكتوبر، وفى إطار البحث عن الأبطال المنسيين، توصلت لمجموعة أخرى مهمة من القوات الخاصة التى نفذت ما يقرب من 28 عملية خلف خطوط العدو بمهارة قتالية عالية، يستحق أعضاؤها أن تُخلد أسماؤهم فى التاريخ، ولكن للأسف لم ترد أسماؤهم من قبل فى الصحافة.
فى منتصف عام 69، تولى الملازم أبو بكر البدراوى، بتوجيه من المخابرات الحربية، تنفيذ عملية فدائية خلف خطوط العدو، كانت من العمليات الأولى بعد النكسة ونجاحها سيترتب عليه رفع الروح المعنوية للجنود وتوصيل رسالة مباشرة لإسرائيل مفادها أن مصر لم تنكسر وتواصل نضالها لاستعادة أرضها.
العملية الفدائية لأبوبكر، تتمثل فى تنفيذ إغارة على نقطة عسكرية للعدو بجزيرة البلاح بالإسماعيلية، وتخطى البدراوى و40 مقاتلا بالقوات الخاصة خطوط العدو ليلا، حتى وصلوا للهدف، وهناك فوجئوا بأن النقطة العسكرية محاطة بالألغام الأرضية، والوصول إليها يقتضى تفجير الألغام.
هنا تظهر التضحيات من أجل الوطن، 14 مقاتلا تقدموا للألغام لكى تنفجر بهم، فتقطعت أرجلهم، وفُتح الطريق أمام الآخرين لينفذوا المهمة، فضلا عن أن 4 آخرين استشهدوا من جراء تفجير الألغام.. أحد الجنود المشاركين فى المهمة، وهو البطل آدم ضاحى، ألقى بنفسه على الأرض فوق لغم، وقال لأبوبكر: «عدى عليا يا حضرة الضابط بكر، علشان المهمة تكمل»، آدم استشهد من أجل تنفيذ المهمة وبقيت سيرته طيبة لما قدمه من أجل الوطن، وأبو بكر لا ينسى المشهد حتى الآن.
نجحت العملية وارتفعت الروح المعنوية للجنود بالجيش المصرى، خاصة أن مجموعة أبوبكر أسرت 4 جنود إسرائيليين، وهو ما تسبب فى صدى كبير بين الجيش الإسرائيلى وقتها.
لم يدرك البدراوى ومجموعته أهمية العملية الفدائية إلا بعد الحرب حين حصلوا على نوط الشجاعة العسكرية عن تلك العملية، وحينها علموا أن الرئيس عبدالناصر بنفسه كان يتابع التحركات قبل وأثناء وبعد تنفيذ العملية وعلى علم كامل بكل تفاصيلها البطولية.
الأغرب فى قصة المجموعة الفدائية أن القائد لا يتحدث عن نفسه كثيرا، ولكن يتحدث عنه جنوده، يعشقونه إيمانا ببطولاته وشجاعته فى إقدامه على العمليات العسكرية، حتى إن أحد أعضاء المجموعة، وهو يحيى طه، كتب قصيدة بـ«الدم» فى مدح بطولات أبوبكر فى العملية قال فيها: «بكر أنت وسام على صدر فتى جسور، أنت قوى ليس بالبنية بل بالعزيمة تكبد بالصدور، أنت فجر مشرق لكل من تعرف عينه النور، هل أنت بشر أم أنت نسر جسور، وسط الظلام خطوت وفى ألغام العدو عدوت بقدم جسد لم يعرف الخمول، وحكمت زمام صدرك بأعصاب لم تعرف الذهول، ودمعت الدمع ورأيت أعز الأحباب مهشمين الرجول، يالك من فتى قوى جسور، عشت يا فتى وعاش أمثالك فيوم النصر قادم لن يطول».
بعيدًا عن سجع وموسيقى الكلمات.. تأمل الموقف.. جندى يكتب قصيدة بدمه فخرا بقائده، فيحتفظ القائد بتلك القصيدة 45 عاما، يضعها فى منزله ويفتخر بها عن أى تكريم تلقاه طيلة حياته، ودائما ما يطلع أحفاده عليها ويحكى لهم قصتها.
فى ذكرى نصر أكتوبر، شكرًا للبطل أبوبكر ولكامل مجموعته.. ولأبنائكم وأحفادكم أن يفخروا بكم.