فى هذا المكان كتبت فى الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضى مقالا بعنوان «القنبلة فوق الشجرة» عقب حادث انفجار عبوة بدائية فى محيط وزارة الخارجية، وتساءلت عن إمكانية وجود قصور أمنى وراء الحادث، ولم أتلق ردا من أى مسؤول أمنى، وأعيد نفس السؤال بعد حادث ميدان النهضة بالقرب من جامعة القاهرة الأسبوع الماضى، إذا لم يكن هناك تقصير أو تخاذل أمنى، فلماذا تتكرر حوادث التفجيرات وتقريبا بسيناريو مشابه فى ميدان الإسعاف ثم أخيرا جامعة القاهرة التى شهدت نفس الحادث منذ عدة شهور وراح ضحيتها العميد الشهيد طارق المرجاوى.
المعلومات تفيد أن كاميرات المراقبة فى أماكن التفجيرات معطلة، حتى كاميرات البنوك، سواء فى ميدان الإسعاف أو بالقرب من وزارة الخارجية، والشرطة السرية التى كنا نسمع عنها وتنتشر فى الميادين والأماكن الحيوية غير الموجودة ولا نعرف أين ذهبت أو اختفت، وكان مجرد وجودها أو الإحساس بها فى المكان عامل ردع لأى مجرم أو إرهابى، ويقلل إلى حد ما من إمكانية حدوث الجريمة، لأن الأمن وفقا لنظريات الأمنية هو فرض الرهبة والهيبة بالإحساس وليس بالتواجد الحسى فقط.
وتجارب دول كثيرة صغيرة أو كبيرة نجحت تجربتها الأمنية بفرض السيطرة بالشعور وباستخدام التنقيات الأمنية الحديثة فى مراقبة الشوارع والميادين والأماكن والمنشآت الحيوية، وللأسف لم نستفد من تجاربها حتى الآن ومنها دول شقيقة مثل الإمارات وتحديدا دبى، إذن أين الخلل فى تكرار سياريو التفجيرات؟ هل هو تقصير وعجز إمكانات بشرية وتكنولوجية؟ هل هى الضغوط اليومية التى يتعرض لها أفراد الأمن بسبب المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقهم فى ظل الظروف الداخلية والإقليمية التى تمر بها البلاد ودول المنطقة، ويتحملها ويدفع ثمنها أفراد الأمن من ضباط وجنود؟
كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات شافية وواضحة، فإذا كان هناك عجز فى المعدات والأدوات وأساليب المراقبة الإلكترونية، فالحكومة مسؤولة عن ذلك، رغم التصريحات المعتادة من رئيس الوزراء بأن الحكومة توفر كل احتياجات وزارة الداخلية، بما يعنى أن التحجج بنقص التجهيزات فى غير محله.
الدماء التى تراق والتفجيرات العبثية من الجماعة الإرهابية تستدعى مزيدا من الحزم والحسم واليقظة وتوفير التجهيزات الأمنية اللازمة..وتستدعى أيضا محاسبة المقصرين والمتخاذلين..إذا ثبت التقصير أوالتخاذل أو الاثنان معا.