فى الوقت الذى تنظم فيه الحكومة المؤتمرات الدولية وتجوب العالم للبحث عن مستثمرين، وتُعدل القوانين والتشريعات وتغير فى أدائها وتستعطف رجال المال حول العالم للاستثمار فى مصر لزيادة الإنتاج وحل أزمات الاقتصاد، تتخذ الحكومة قرارات عكسية لهدم أقدم وأهم مؤسسة إنتاجية فى التاريخ، إنها مؤسسة الفلاحين التى ظلت تعمل منذ فجر التاريخ فى صمت عميق، فلم تتضجر ولم تتأفف، ولم تتوقف عن العمل ولم تكف عن العطاء بالرغم من كل ما تعرضت له من أزمات وما شهدته من إهمال عبر العصور والأزمان.
لقد ظل الفلاح المصرى رمزا للعطاء والسكينة والهدوء، رغم أنه لا يوجد لديه رفاهية الوقت، ولا رفاهية الحياة، يعانى من نقص حاد فى كل الخدمات، لا وجود له فى قائمة اهتمامات الحكومات على مدار السنوات، وبالرغم من ذلك لم ينقلب عليها ولم يضرب عن الإنتاج كما فعل الآخرين. وبدلاً من تسليط الضوء عليه والعمل على حل أزماته وتوفير احتياجاته ورفع أسعار المنتجات الزراعية أو تقديم الدعم له حتى يتمكن من مواصلة الإنتاج، قررت وزارات الزراعة والصناعة والتجارة والاستثمار والبترول رفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسبة 33% ليصل سعر طن أسمدة اليوريا إلى 2000 جنيه بدلًا من 1500 جنيه، وسعر طن النترات إلى 1900 جنيه بدلًا من 1400 جنيه، لتوزع الشيكارة على الفلاحين بـ100 جنيه بدلًا من 75 فى الجمعيات الزراعية.
هذا القرار جاء فى الوقت الذى يطالب فيه الفلاحون بتحديد أسعار عادلة للمنتجات الزراعية، وبدلاً من دراسة مطالبهم تم بيعهم لشركات الأسمدة التى نجحت فى تحقيق مطالبها برفع الأسعار، بينما فشل الفلاح فى تحريك منتجاته الزراعية ليبقى الحلقة الاضعف فى مصر، فلم يشفع له إنتاجه وعطاؤه وصمته، فى الوقت الذى تفرغ فيه الآخرون للثرثرة، وبالرغم من ذلك حصولوا على كل شىء دون أن يقدموا لمصر سوى الكلام.
لقد كان الفلاحون ينتظرون أن تقدم لهم الحكومة بعض المساعدات بعد رفع أسعار المنتجات البترولية والكهرباء، ولكنهم تفاجئوا بضربة ثالثة برفع أسعار الأسمدة، إذا كانت الحكومة تدعى أن شركات الأسمدة كانت ستتوقف عن العمل والإنتاج نتيجة لزيادة أسعار الطاقة، فإن الفلاح كان أكثر حاجة من هذه الشركات، ولكن يبدو أن صوته ضعيف والحكومة لا تسمع سوى صوت الأثرياء وأصحاب المال.
كنا نتمنى أن تطبق الحكومة المادة29 من الدستور التى تلزم الدولة أن تضمن سعرًا مناسبًا لأسعار المحاصيل الاستراتيجية، يناسب ما تقرره الدولة من زيادة فى أسعار الأسمدة ومستلزمات الإنتاج الزراعى، ولكن الغريب أن الحكومة تعتبر الزيادات فى أسعار الأسمدة دعم وتطوير لمنظومة الزراعة والفلاحين، وكأنها لا تدرك أن هذا التطوير يقضى على الفلاحين، كما كانت تفعل الأنظمة البائدة مع شركات قطاع الأعمال التى تم منحها للصوص بالملاليم وثم باعوها بالملايين وشردوا العاملين بحجة التطوير.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم ذكى
رجاء بلاش احكام
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو احمد
دائما مع المظلومين شكرا ياستاذ رمضان
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو احمد
دائما مع المظلومين شكرا ياستاذ رمضان
عدد الردود 0
بواسطة:
فلاح مطحون
صاحب التعليق رقم واحد لازم تغير اسمك
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم راشد
والله العظيم الفلاح طالع عينه
عدد الردود 0
بواسطة:
ramy
التعليق رقم واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الوزير
يا ريت تتعلم انت الاول