«ما من قوة فى العلم ترغمنى على محبة ما لا أحب وكراهية ما لا أكره، ما دام هناك تبغ وثقاب وشوارع»، هكذا كتب الشاعر والمسرحى السورى الراحل محمد الماغوط، الذى يظهر لك كثيرا فى اللحظات الحزينة، كان يقول عن نفسه «فى الأوقات العادية أكون عاديا جدا وفى الأزمات أكون محمد الماغوط»، كان طريد السلطة الغبية والفقر وضيق الأفق، غادر قريته وعمره 14 عاما، دخل المدرسة فى صغره «لأنها تقدم الطعام والشراب مجانا»، وهرب منها، ومشى على قدميه يومها 15 كيلومترا، ومنذ ذلك الحين كما قال بدأ فى كتابة الشعر، كان يقول «لن أجوع أكثر مما جعت ولن أتشرد أكثر مما تشردت ولن أهان أكثر مما أهنت، ولن أسحق أكثر مما سحقت، وسأظل حفرة فى كل طريق وخريفا فى كل غابة وظلاما فى كل شارع وأنينا فى كل عرس وضحكة فى كل مأتم، حتى تستقيم الأمور لأجيال جديدة وأفكار جديدة»،، كان يحب الجماهير وهى بعيدة عنه، ويؤكد: «لم تخذلنى الجماهير مع أنى كنت قاسيا، ولكنها قساوة أب مع أطفاله»، كان يتمنى أن يكون حصاة ملونة على الرصيف، أو أغنية طويلة فى الزقاق، كان مثل الذين ثاروا فى كل مكان، يضربه شيخ الحارة فى طفولته ليحفظ ويتذكر، وفيما بعد يضربه الشرطى لكى ينسى، ومع هذا يقول: «لكننى لن أموت دون أن أغرق العالم بدموعى وأقذف السفن بقدمى كالحصى»، أتذكر للماغوط بعد كل جريمة إرهابية ضد جنودنا قوله «أحشو مسدسى بالدموع وأملأ وطنى بالصراخ».