نصب الرئيس المعزول محمد مرسى نفسه زعيما للثورة، فقال: إنه يشدد تعليماته لكل الثوار الفاعلين على الأرض بقيادتهم ومجالسهم وتحالفاتهم ومفكريهم وطلابهم على أنه لا تراجع عن الثورة ولا تفاوض على دماء الشهداء.
هكذا تحدث «المعزول» فى بيانه أول أمس حسب ما نشرته صفحته الرسمية، وجاءت كلماته بعد ساعات من تنفيذ العملية الإرهابية الغادرة التى استهدفت جنود الجيش على حاجز «كرم المقاديس»، وبدا من هذا الأمر أن مرسى وجماعته يوفرون الغطاء السياسى لمثل هذه العمليات الإرهابية الإجرامية
حتى لو قال مرسى فى بيانه: «لن أنسى أبنائى من المجندين الشهداء»، وهو القول الذى يحيلنا إلى المثل الشعبى: «يقتل القتيل ويمشى فى جنازته».
يتحدث «المعزول» عن الثورة وثوابتها، وكأنه كان طليعتها يوم انطلاقها فى 25 يناير، وكأن جماعته لم تذهب إلى التفاوض مع اللواء عمر سليمان أثناء احتشاد الملايين فى ميادين مصر.
لم تصدق الجماعة فى وعد أطلقته، ولا هى قدمت حكما رشيدا نافعا فى الفترة التى تولى فيها محمد مرسى رئاسة الجمهورية.
يتحدث محمد مرسى عن ثورة هو أبعد ما يكون عنها، فلم يخرج الشعب المصرى فى ثورة 25 يناير ضد حكم مبارك واستبداد نظامه، ليطالب بأن تكون مصر بين يدى عاصم عبدالماجد وصفوت حجازى وخيرت الشاطر وحازم صلاح أبوإسماعيل وغيرهم من الذين كانت كلماتهم تقطر دما، وتهدد صباحا ومساء كل المصريين.
لم يثر المصريون لأنهم اكتشفوا أن هؤلاء هم حراس ديننا ودنيانا، وأن لحاهم وجلابيبهم تحمل سر التقدم والانتقال إلى مستقبل أفضل، ولم يثر المصريون لأنهم يريدون دولة داخل الدولة، حيث «الجماعة» التى كانت تضع نفسها فوق كل شىء وأى شىء، وتنصب مرشدا قال: «منصبى أهم من منصب رئيس الجمهورية».
لم يثر المصريون لأنهم كانوا يحتاجون تهديد حازم صلاح أبو إسماعيل لكل من يعارضه، وحتى يخرج «حازمون» شاهرين أسلحتهم وشماريخهم وصواريخهم، ولم يثوروا كى تحاصرهم ليل نهار فتاوى من عينة «عدم تهنئة المسلمين للمسيحيين فى أعيادهم» و«عدم الوقوف تحية للسلام الجمهورى» و«عدم سماع الموسيقى لأنها حرام»، وغيرها من الفتاوى التى لا تستند إلى صحيح الدين، وبالتالى تحول حياة الناس إلى جحيم، وتحول مصر إلى وطن للطائفية.
اختطفت جماعة الإخوان الحالة الشعبية الهائلة والنبيلة التى جسدها المصريون طوال 18 يوما وأخرجت أعظم ما فيهم، وحولتها إلى معركة دينية بالرغم من أن الثورة فى أيام احتشادها لم ترفع شعارا دينيا واحدا، وامتزج فيها المسلمون بالمسيحيين فى تكاتف طبيعى لأن الكل مصريون أولا وأخيرا.
كانت ثورة المصريين فى 25 يناير ضد استبداد مبارك ونظام حكمه، ورفعت شعارات: «عيش، حرية، كرامة»، ولما تولى «مرسى» الحكم لم يكن هناك لا عيش ولا حرية ولا كرامة، وشاهدنا تعزيزا لعلاقة التبعية مع أمريكا كما كان الأمر أيام مبارك، ولهذا فإنه حين يتحدث مرسى عن الثورة فلنقل له: «اصمت»، فمصر الآن تجنى ثمار الكوارث التى صنعتها أنت وجماعتك.