حقق الفيلم الأمريكى «Behind Enemy Lines» مئات الملايين وقت إنتاجه عام 2001، وحصد عشرات الجوائز العالمية تقديرا للقصة الدرامية التى جسدها الفيلم عن جندى بالجيش الأمريكى خلف صفوف الجيش الصربى.. هذا الفيلم سوق من جديد للجيش الأمريكى ولجنوده فى الإعلام باعتبارهم مقاتلين يحافظون على هويتهم ووطنيتهم.
قبل 22 عاما من تاريخ القصة الحقيقة للفيلم التى وقعت فى 1995، كانت هناك قصة حقيقة لبطل مصرى شارك فى أكتوبر وضحى من أجلها، ونفذ عملا فدائيا خلف خطوط العدو بتفاصيل أكثر قسوة من ذلك الجندى الأمريكى، لكن لم تُذكر قصته من قبل فى الصحافة المصرية ولم تتبن الدولة إنتاج أى عمل تليفزيونى يليق ببطولاته.
فى 27 أكتوبر 1973 وقت اشتداد أزمة الثغرة، خطط الجيش المصرى إلى ضرب القوات الإسرائيلية بعد منتصف الليل، غير أن عائقا كبيرا أمامهم، وهو كيف يحدد الجيش اتجاه إطلاق النار ضد إسرائيل فى الظلام التام، الأمر الذى دفع الجيش المصرى إلى تكليف أحد ضباط سلاح الإشارة - البطل مراد زكريا - لكى يتسلل خلف خطوط العدو ويخبر المصريين بمناطق تمركز الإسرائيليين وإحداثياتهم الحقيقية وأماكن تخزين معداتهم وأسلحتهم.
نجح البطل ذكريا وبرفقته جندى آخر فى التسلل خلف خطوط العدو الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وبواسطة لاسلكى كان يحمله أبلغ الجيش المصرى عن كل التفاصيل، وفى الثانية والنصف، بدأ الجيش المصرى ضرب العدو الإسرائيلى، وبدأ البطل زكريا طيلة 3 ساعات متواصلة تصحيح أوضاع إطلاق النار المصرية ضد الجيش الإسرائيلى يمينا ويسارا بحسب التحركات الجديدة للعدو.
نجح البطل زكريا فى مهمته، وتكبد العدو الإسرائيلى خسائر فادحة، وعندما حاول العودة من جديد إلى صفوف الجيش المصرى مع أول ضوء شمس فى الخامسة صباحا، وقع فى حقل ألغام نصبه الإسرائيليون، فكانت التضحية الجديدة، انفجر به الحقل وأصيب البطل زكريا، ونقل على إثره لمستشفى السويس، وأجريت أول جراحة وبترت ساقه فداء لوطنه.
الحالة الصحية للبطل زكريا كانت فى تدهور مستمر وهو ما تطلب نقله للقاهرة، وهنا كانت الخطورة لأن إسرائيل كانت تعترض أى سيارة إسعاف مصرية، فتم وضع البطل فى سيارة تابعة للصليب الأحمر، وارتدى «جلابية بيضاء» بدلا من «زى الجيش» إلا أن الكمين الإسرائيلى اعترضت السيارة، ولكن عناية الله التى أنقذته، وعبرت السيارة الكمين ووصل القاهرة لاستكمال العلاج.
تستحق تلك القصة أن تجسد فى فيلم.. يعيش البطل زكريا بساق مبتورة بعد معركة بطولية.. فى شهر الانتصارات، نقول للبطل، شكرا لدورك وتضحياتك ولأبنائك وأحفادك أن يفخروا بك.