لأن مراكش المغربية تنعم بالأمان، فلا إرهاب فيها ولايحزنون، فالمرأة هناك تمتلك مساحات من الحرية الشخصية الفريدة، فلك أن تتخيل هذا المشهد.. فتاة تستقل الموتوسيكل وتقوده فى الشارع العام بثقة تامة واعتداد بالنفس، وبالمناسبة هذه ظاهرة واضحة هناك، إذ رأيت عشرات البنات والسيدات يمتطين الموتوسيكلات، ويتجولن بها فى شوارع المدينة دون خوف من تحرش أو استهجان من المارة.
أظنك تعلم أنه ما كان للمرأة المغربية أن تتجرأ على قيادة الموتوسيكلات لو لم يكن هناك نظام مرورى صارم، يلتزم به الجميع، ويحفظ حياة الناس من عبث السائقين وتهورهم، وما كان للمغاربة أن يلتزموا بهذا النظام المرورى، ويزعنوا له، لو لم تكن الشوارع جيدة الرصف، وتخطيط المدينة ييسر على السائقين والمشاة الظروف الملائمة للتنقل والسير.
المدهش فى الأمر أن كثيرًا من المواعيد الغرامية بين العشاق فى مراكش يلعب فيها الموتوسيكل دورًا بالغا، إذ يكون بمثابة (العزول الطيب) الذى يحضر اللقاء الغرامى من ابتسامة أول اللقاء وبهجته حتى تنهيدات الوداع ودموعه!
تسمح مراكش لشبابها العاشق بلقاءات بريئة بين الحدائق و(تحت ظلال الزيتون)، وليس الزيزفون كما قال المنفلوطى، إذ إن مراكش مشهورة بأشجار الزيتون المزروعة بكثافة فى الشوارع والممرات، لذا يلتقى الحبيبان فى إحدى الحدائق، حيث يجلسان متجاورين وأمامها موتوسيكل مسالم يصون عزلتهما، ويذكرهما دومًا بالوقت وضرورة الانصراف قبل أن يدركهما الليل البهيم، وقد أوضح لى الشاعر المغربى الموهوب ياسين عدنان أن هذا الموتوسيكل قد يكون للشاب أو للفتاة.. لا يهم.. المهم أن يلتقى الحبيبان فى حضن الأشجار والورود تنعشهما الروائح الذكية للمكان!
فى مراكش تابعنا باهتمام احتفالية جائزة البابطين بيوبيلها الذهبى، ورأينا الشاعر الكويتى الكبير عبد العزيز البابطين يستقبل الأدباء والمثقفين بابتسامة ودودة، ويصفق بحرارة للباحثين الذين يعيدون البهاء لأبى تمام فى الدورة رقم 14، كما كنا ننصت إلى القصائد التى أبدعها شعراء عرب فى المديح والغزل والوصف، وفى المساء نستمتع بمشاهدة العشاق - عن بعد - فى الحدائق، ونعلن ما أجمل اليوم إذا ابتدأ بالشعر وانتهى بالعشق!