أكثر ما يؤلم أى بطل عسكرى شارك فى أكتوبر، أن يتابع ذكرى الحرب كمشاهد، وليس كمشارك وصانع فى نصرها الكبير، نفس الأشخاص يكرمون كل عام دون جديد، كأنهم فقط من اشتركوا فى الحرب، وليس غيرهم .
أحد أبرز الأبطال المنسيين هو اللواء جلال السيد، عمل بسلاح المدفعية، برع فيه حتى أبهر الجميع بقدرته على المراوغة بالنيران وخديعة العدو، لديه المئات من القصص العسكرية والإنسانية عن النصر، يتحدث عن أكتوبر، كأنه يتحدث عن ابن من أبنائه، يشرح مسرداً التفاصيل كأنها جرت بالأمس وليس قبل 41 عاماً .
وقت اشتداد أزمة الثغرة، وبينما القوات الإسرائيلية تتقدم نحو الإسماعيلية، وفى المقابل الجيش المصرى يحاول إيقاف التقدم بأى طريق، وجه البطل جلال السيد وكتيبته المدفعية تجاه كوبرى "ترعة نفيشة"، وهو كبرى حاول العدو استغلاله لعبور الدبابات والمركبات، وقصفه بالمدفعية وانهار الكوبرى وتوقف تقدم العدو عن التقدم، فأجبر العدو الإسرائيلى على تغيير اتجاه إلى الجنوب _ السويس .
بعد وقف إطلاق النار يوم 24 أكتوبر، اكتشف البطل جلال برجاً بارتفاع عالٍ تشيده إسرائيل على بعد 12 كيلو متراً من قناة السويس، تستغله فى كشف كل النقاط العسكرية بساحة المعركة، أبلغ بدوره المعلومات إلى مرؤوسيه، غير أن القيادة لم تقتنع بالمعلومة، خاصة أنه رصدها فى غير محل تمركزه الجغرافى، وأنه لم يدعم معلومته بمزيد من التفاصيل، كإحداثيات البرج، وإن صحت المعلومة فستكون خطراً على الجيش المصرى، وتم تكليف القوات الجوية بتجهيز طائرة استطلاع للتأكد من المعلومات بمشاركة اللواء جلال، وكانت المفاجأة أن الأمر لا يتوقف على برج عسكرى فقط، ولكن نقاطا عسكرية متعددة تنشئها إسرائيل بسيناء، صورها جميعاً، ونجحت المهمة رغم قيام إسرائيل بإرسال طائرتين فانتوم لاعتراض طائرة الاستطلاع المصرية .
فى منتصف أكتوبر، اكتشف البطل جلال السيد أن إسرائيل تستغل الترع الجافة فى الإسماعيلية لكى تتمركز فيها الدبابات وتخزن فيها الأسلحة، فدفعه ذكاؤه أن يفتح المياه على الترع الجافة، وهو ما كان، وترتب عليه خسائر كبيرة للعدو .
فى شهر الانتصارات.. شكراً سيادة المقاتل جلال السيد، ولشعبك وأحفادك أن يفتخروا بك، وما كتبناه قليل من كثير.. عزيزى القارئ، خصصت مقالاتى بشهر أكتوبر للكتابة عن أبطال النصر، انطلاقاً من الحفاظ على ما تبقى من عطر أكتوبر.. أدعوكم لمراسلتى ومشاركتى الكتابة عن أبطالنا الحقيقيين.