أعرف خالد يوسف منذ سنوات طويلة، فنحن من أبناء محافظة واحدة هى محافظة القليوبية، يجمعنا الانتماء إلى فكر سياسى واحد، وجمعنا فى سنوات حكم مبارك الكثير من المواقف التى كانت تبحث من ثقب إبرة عن الحرية والعدالة والكرامة الوطنية، والدفاع عن القضية الفلسطينية.
هو تكوين قيادى بالفطرة، ممزوج بسمات شخصية تجمع بين روح التمرد والثورة واستشراف المستقبل بتفاؤل، وعشق التواجد بين الناس والخبرة الكبيرة فى فرزهم، والإيمان المطلق بأن لغالبية شعب مصر، وهم من الفقراء، الحق فى حياة كريمة بنصيب عادل فى الثروة، وحين يتحدث عن ذلك لا يذكره لمجرد الذكر، أو تزويق كلام يجيده لسان مثقف، وإنما يتنفسه حقاً وصدقاً.
هو يبحث عن كيفية ترجمة ما يؤمن به على الأرض، ولهذا أعتبره من المثقفين الطليعيين القليلين، الذين يؤمنون بأن أعظم الأفكار يجب ألا نذكرها ونمضى، وإنما نحملها ونذهب إلى الناس فى ميادينهم بكل فئاتهم، وعلى مختلف درجات وعيهم، وبهذه الخلفية كان فى طليعة ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
هو الآن يجهز نفسه للانتخابات البرلمانية فى دائرة كفر شكر، وهى الدائرة التى ارتبطت برلمانيا لسنوات طويلة باسم خالد محيى الدين عضو مجلس قيادة ثورة يوليو 1952، ولهذا كانت مكانا مفتوحا لمعارك سياسية هائلة، ومنذ أكثر من ثلاثة شهور، لا يغادر خالد قريته «كفر تصفا» ومنزله مفتوح للجميع، وليس هذا جديدا عليه، وعلى جدوله زيارات يومية لقرى الدائرة لا يكل منها، يبحث فى مشاكلها ويتواصل مع أهلها، وعيناه على شبابها وفقرائها، يسأل عنهم، ويبحث عن المختلفين معه فى الرأى خاصة من الشباب حتى يناقشهم، للوصول إلى ما يفكرون فيه، وكيفية تحويل هذا الخلاف إلى طاقة بناء، وإصراره بدأب على كل ذلك أشع بتأثيره خارج حدود دائرته إلى الدوائر المتاخمة له فى المحافظة، فأصبح منزله قبلة لأبنائها المظلومين والمهمومين.
كنت فى الطريق إليه أمس الأول، وفى مناسبة اجتماعية حضرتها قادتنى الظروف إلى الاستماع لشباب ورجال من الدائرة، يتحدثون عنه بحب صوفى، قالوا حكايات كثيرة عما يفعله من خدمات، وعبر لى الأستاذ خليل الجدى بفرح: «نحن محظوظون فى دائرتنا به، هو بالنسبة لى إنسان استثنائى»، وقال شباب فى العشرينيات من العمر: هو أملنا، «يبث فينا حماسا كبيرا وأملا عظيما».
الشواهد تؤكد أن معركته الانتخابية محسومة، لكن ما يشغل خالد شىء آخر، وهو ماذا بعد الانتخابات، فبقدر ما سيلتزم به من أداء سياسى تحت قبة البرلمان وخارجه، لن يخون فيه ضميره، يتحدث عن أن الفترة الماضية استطاع أن يضع يده مثلا على مائة شاب فى كل قرية من قرى الدائرة، وهمه الآن يكمن فى كيفية توظيف هؤلاء سياسيا فيما بعد، أين هو الحزب الذى يستطيع أن يجتذبهم ويوظف طاقتهم ايجابيا؟، كيف يكون من بين هؤلاء قيادات للمستقبل؟، كيف يتم استثمارهم فى بنيان شعبى مؤسسى، هكذا يتساءل خالد، ويريد أن يشاركه الكل فى هذا التحدى، وفكرته فى ذلك ربما يجدها البعض حالمة، لكن ماذا لو كان فى دوائر مصر مائة نائب مثلا يفكرون بهذا التفكير؟، المؤكد أن شيئا كبيرا سيحدث.