هل تعاملت السينما مع أعيادنا الدينية بما يليق بها من فرحة وانشراح؟ وهل استطاع صناع الأفلام عندنا أن ينقلوا الأجواء المصاحبة للعيد بصورة فنية جميلة ومؤثرة؟ لاحظ أن المسلمين فى مصر يحتفلون بعيدى الفطر والأضحى المباركين، غير عيد مولد الرسول الكريم ورأس السنة الهجرية، أما أشقاؤنا الأقباط فيحتفلون بعيدى الميلاد والقيامة، فضلا عن أعياد أخرى تقرع لها أجراس كنائسهم فى أوقات معينة من كل عام، فهل كان للعيد حضوره الواضح فى أفلامنا؟ وهل انتبه الفنانون إلى أن العيد لدينا يستحق الالتفات إليه سينمائيًا؟
حسب علمى فإن السينما لم تتعامل مع العيد إلا بصورة خجولة ونادرة، وهو أمر محير حقا، نظرًا لأن المصريين يتفننون فى الاستعداد لاستقبال الأعياد، ونظرًا لأن هذه المناسبة الروحية الرائعة يمكن لها أن تنطوى على وقائع وأحداث يستلهم منها المخرجون والمؤلفون موضوعات تصلح للإنتاج السينمائى، فعلى سبيل المثال قدم كمال الشيخ فى فيلمه الشهير «حياة أو موت/ 1954» الموظف المفلس عماد حمدى وقد طرد من عمله، بينما العيد على الأبواب، الأمر الذى اضطره إلى أن يبيع ساعته ليشترى فستانا جديدًا لابنته تستقبل به العيد!
لقد كانت هذه المشاهد بالغة الإتقان، وتلقاها الجمهور - ومازال - بمشاعر فياضة ترق للرجل وتتعاطف معه، فلماذا لا تقتحم السينما دنيا الأعياد وما يصاحبها من أحداث؟ ولماذا لا تقدم لنا السينما مناخات العيد فى حياة الفقراء؟ وكيف يستقبل الفلاحون المنهكون العيد؟ وما طعم العيد فى صدور العمال المكافحين؟ ثم ما مدى فرحة الأثرياء بقدوم العيد وكيف يقضونه؟ وهل للصوص وأصدقاء الشر نصيب فى العيد؟
لا تنس أن عيد الفطر المبارك يأتى فى أعقاب شهر رمضان الكريم، وهو شهر يمكن استثماره فنيًا كما فعل عاطف سالم فى فيلمه الممتع «فى بيتنا رجل/ 1961» حين استغل السجين عمر الشريف لحظة الإفطار التى تتراخى فيها كل الأجهزة وهرب من المستشفى! أما عيد الأضحى المبارك فيتزامن مع موسم الحج إلى بيت الله الحرام، وأنت تعلم شوق كل المسلمين إلى زيارة مكة المكرمة، وكثير منا يستدين ليكمل نفقات الحج، فهل يمكن لمخرج أن يستوحى من أجواء الحج قصة سينمائية شائقة وآسرة؟
فى فيلم «ليلى بنت الأكابر/ 1953» رأينا الباشا المتغطرس زكى رستم ذاهبًا إلى الحج بينما حفيدته ليلى مراد تودعه بأغنيتها الفاتنة «يا رايحين للنبى الغالى»، لكننا لم نلحظ تأثير زيارته للمسجد الحرام على سلوكه الخشن، إذ عاد كما هو يأمر ويتعالى وينذر ويهدد، فهل أخفقت الزيارة الروحية فى ترقيق قلب الرجل وتهذيبه؟
أما فيلم «ليلة العيد/ 1949» لحلمى رفلة فلم تكن بينه وبين العيد سوى الاسم فقط، وعليه يمكن القول بيقين كبير إن السينما المصرية لم تتمكن من النفاذ إلى مناسباتنا الدينية بعمق لتستوحى منها أعمالا فنية ذات تأثير فنى قوى.
على أية حال.. عيد سعيد وكل عام وأنت طيب.