إذا لم نكن قادرين على قراءة تاريخ حقيقى لحرب أكتوبر 73 بعد مرور أكثر من أربعين عاما، فهل يمكن أن نكتب تاريخ يناير ويونيو ولم تمر أربعة أعوام؟ وحتى ثورة 23 يوليو 1952، ماتزال تخضع لجدل وروايات ودور جمال عبدالناصر سواء قبل الثورة أو بعد تولى الرئاسة، فضلا عما جرى مع السادات، ثم موقع مبارك الحقيقى من حرب أكتوبر.
نقول هذا بمناسبة الجدل الدائر عن تضمين أحداث وأشخاص من يناير ويونيو فى كتب التاريخ، وهى بعدُ لم تصبح تاريخا، وما تزال تحدث، وكل ما فيها أشخاص وأحداث ناقصة وبعض تفاصيلها غائبة.
لقد شهدنا خلال السنوات الأخيرة الكثير من الكتب والإصدارات والشهادات حملت عن يناير لم تتجاوز محاولات لتسجيل الأحداث، وربما أراد البعض أن يضع نفسه فى مركز، بينما لم يكن له دور أكثر من غيره، ويتصور البعض أنه لمجرد الإسراع باختيار مكان يمنحه أحقية فى التاريخ، بينما التاريخ له تصاريف أخرى ولا يتم قبل مرور عقود تصبح بعدها الأحداث باردة، ويتم فيها فرز الشهادات المختلفة والمتناقصة واستكمال الصورة من تفاصيل صغيرة.
وبالنسبة لوقائع يناير 2011، فهى ليست منفصلة عن السنوات التى سبقتها، ولم تولد فجأة كما أعلن البعض فى روايات سطحية وأفكار ساذجة، وحتى هؤلاء الذين تصدروا المشهد فى الإعلام، بعضهم لم تتعد مشاركته مجرد الظهور فى الصورة، بينما ليس له دور، فضلا عن التزييف الذى ارتكبه البعض عمدا، ليضخم فى دوره، وما يقال عن يناير ينطبق أكثر على 30 يونيو.
كل هذا يعنى أن وضع تفاصيل ما جرى خلال السنوات الأخيرة ضمن التاريخ، هو أمر تعسفى، لأن أحداثا جرت من نصف قرن ماتزال تحت البحث، تحت الكتابة والحذف والإضافة، فما بالنا بأحداث قبل بضع سنوات، ثم إن كل ما ورد حتى الآن هو مجرد كلام أو حكايات مرسلة لا سند لها، وهناك الكثير من التفاصيل الغامضة والناقصة، يجعل من الصعب الحديث عن كتاب التاريخ للابتدائية والإعدادية، عن يناير 2011 وما بعدها، وهى أمور تخضع للهوى.. الأجدى أن يوضع منهج التاريخ لما هو تاريخ حديث، ويضعه مختصون ومؤرخون وليس هواة أو أنصاف متعلمين، وأن يتضمن تاريخا لأحداث مستقرة، أما ما يحدث خلال السنوات الأخيرة فهو لا يخضع لمناهج علمية، وإنما يتم بالهوى ويضر أكثر مما ينفع، فلا توجد تواريخ فورية.