منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر أى بعد انتهاء الاستحقاق الانتخابى الثانى والمتمثل فى الانتخابات الرئاسية، تعقد القوى السياسية والحزبية المحسوبة على التيار المدنى الديمقراطى لقاءات واجتماعات عديدة أملا فى الوصول إلى تحالف انتخابى جامع وشامل لهم جميعا، أو بحد أدنى تحالفين انتخابين مع وضع الآليات التنفيذية للتنسيق الكامل بينهما حتى لا يتنافسوا على نفس المقاعد لصالح تيارات أخرى إسلامية سياسية أو مباركية. كل هذه الاجتماعات واللقاءات بمحصلة صفرية حتى الآن فلم نر أو نسمع عن صياغة هيكلية لتحالف بعينه ولكن فقط سمعنا عن فشل وانسحاب وخلاف. حتى الوثيقة التى خرج بها د.عمرو الشوبكى مشكورا لم تأت بالنتيجة المرجوة منها حتى الآن، حيث كان من المتوقع التفاف القوى السياسية عليها وتكون القاعدة الإستراتيجية لقيام تحالف انتخابى قوى، ولكن للأسف لم يحدث وأشعر بالأسى الشديد أن أقول إن التيار المدنى الديمقراطى فشل فى التحالف أو حتى التنسيق حتى لحظة كتابة هذه السطور. وفشله كان أحد الأسباب وعاملا مساعدا لظهور تحالفات انتخابية قديمة وعتيقة من شخصيات مباركية فكرا وعمرا وجيلا. ما ينبئ عن برلمان يعود بينا إلى الخلف إلى ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، وهذا من الصعب والمستحيل قبوله بعد ثورتين. فسيشعر المواطن بعد القليل من الزمن أننا نعود تدريجيا إلى سياسات الفساد والتخلف والرجعية وللأسف الشديد سيحملنا الرأى العام نحن السبب فى ذلك.
فكما سرقت ثورتنا الأولى من بين أيدينا على أيدى تيار الإخوان الفاشى وأتى مرسى إلى الحكم، وعلقت الشماعات على عاصرى الليمون ومن اضطروا إلى ذلك وتناسوا مطلقا أن هناك أربعة مرشحين كانوا محسوبين على التيار المدنى الثورى الديمقراطى لم يوافق أى منهما على التنازل من أجل الآخر فكانوا السبب الرئيسى فى سقوطهم جميعا وتنافس المرشح الإخوانى والمباركى.
فنحن على شفا أن نواجه نفس الاتهامات ويسرق البرلمان بعد الثورة الثانية لصالح التيار المباركى وبدلا من أن توجه الاتهامات لنخب سياسية عتيقة فشلت فى التماسك أمام التيارات الفاشية الأخرى ستوجه الاتهامات لنا أيضا نحن المحسوبين على الثورة وليس لهم وأننا سامحنا لأصدقاء مبارك أن يسرقوا ثورتنا وبرلماننا، وذلك إذا استسلمنا للحالة المفككة التى نحن فيها الآن ولم نأخذ موقفا حاسما قويا لوحدتنا أمام الرأى العام.
وأفكر هنا بصوت عالٍ مع الشباب الذى يشاركنى هذا الإحساس وذلك التفكير فى أن نعلن:
أولا :- نحن شباب التيارات المدنية الديمقراطية أن كل النخب السياسية (إلا من رحم ربى) الذين شاركوا فى الاجتماعات السابق عقدها طيلة الشهور الماضية وفشلوا فى إخراج تحالف انتخابى رسمى متماسك حتى الآن لا يمثولنا ولا يمثلوا غير أنفسهم، وإنهم أحد الأسباب الأساسية التى أدت إلى ظهور تحالفات رجال مبارك من جيل أجدادنا وهذا أعطى للأسف انعكاسا سلبيا أن هذه النخب التى طالما اجتمعت دون الوصول إلى أى نتائج ملموسة حتى الآن لا تعنيهم المصلحة العامة ومصلحة البلاد وطنا وشعبا، ولا يسعون إلا لمصالح شخصية ضيقة (إلا من رحم ربى منهم) كلا حسب نيته الذى لا يعلمها إلا الله. ونعلن تبرؤنا الكامل من فشل تكوين تحالف انتخابى يمثلنا ونتبرأ أيضا من تهيئتهم المناخ لمبارك ورجاله للظهور استعدادا لخوض انتخابات البرلمان بهذا الشكل السافر. ونذكرهم بأنهم طالبوا منا نحن الشباب أن نحرص على دوام إحراجهم والضغط عليهم بكل الوسائل المتاحة حتى تظل دوما المصلحة العامة للبلد صوب أعينهم وها نحن نفعل الآن ذلك بهذا الإعلان .
ثانيا نحاول نحن الشباب بمساندة نخبة شبابية جديدة من أجيال أصغر لديهم من الكفاءة والقدرة على العمل العام ما يجعلهم يتصدرون المشهد تدريجيا، فلن أعفى نفسى وجيلى من الخطأ أيضا طوال السنوات الماضية من جهة ومن جهة أخرى لن نتصدى إلى حملة التشويه التى نتعرض لها، إلا عن طريق أجيال أصغر تحمل نفس قيم ومبادئ الثورة تقود المشهد القادم، ونحن فى ظهورهم داعمين ومساندين، ويعلنون للمجتمع أجمع أن الثورة فكرة باقية للأبد لن تتمكن ألسنتكم من تشويهها، فالأشخاص ذاهبون والفكرة دوما باقية.
ثالثا نقوم بمحاولة خلق نخب جديدة من قيادات وسطية (جيل الأربعينات) ممن نشعر بأنهم ينتمون لنا ولهذا التيار المدنى الديمقراطى ونظن فيهم أنهم قادرون على خلق تحالف متماسك متجاوزون أخطاء الماضى ومتمسكون بمستقبل لنا وبمن يمثل قيم ومبادئ الثورة .
ومن هنا نحاول الإلحاق بالبرلمان القادم خشية أن يدفن قبل أن يولد، محاولة، جائز أن تنجح وجائز أن تفشل، ولكن سيكتب التاريخ أننا لم نستسلم لحالة التفكك التى نعيشها الآن، وأننا حاولنا ويجوز أن تأتى تلك المحاولة بمفادها وتصحوا النخب الحالية من غفوتها ويرجعوا إلى صوابهم ويتخلوا عن النزعة الشخصية ويتمكنوا من إنتاج مولود متعافٍ يستطيع خوض الانتخابات القادمة بقوة وثبات .