فى جلسة تليفزيونية مذاعة على الهواء مباشرة، كان الدكتور حسام المساح، الأمين العام للمجلس القومى للمعاقين المستقيل، يوجه انتقادات علمية ومدعومة بوثائق وحقائق للدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، وحينما جاء دور السيدة الوزيرة فى الرد لم تجد ردا علميا وعمليا سوى التقليل من شأن الدكتور المساح وإعاقته بالادعاء بأنها تحتاج لأحد أن يكرر عليها كلامه حتى تفهمه.
نزلت الإهانة على قلب ووجه الرجل بالحسرة والدموع وقرر الاعتزال، بعدها بأسابيع خرجت ورقة من التأمينات بإمضاء وزيرة القوى العاملة التى وضعت توصيفا لذوى الاإحتياجات الخاصة «أكتع ومشوه»، لنكتشف جميعا أن الحكومة لا تظهر الاحترام الكافى لحوالى 12 مليون معاق مصرى، ومن هنا تبدأ رحلة سؤال ربما يكون قاسيا علينا قبل أن تمتد قسوته إلى الحكومة.
لماذا ننساهم؟! ولماذا حينما نتذكرهم نستدعى الشفقة للتعامل معهم وكأننا نمنحهم أو نهبهم أشياء ليست من حقهم؟ تلك علامات استفهام لابد أن تتوقف أمامها وأنت تبحث فى شأن المعاقين أو ذوى الاحتياجات الخاصة أو متحدى الإعاقة فى مصر، هنا فى مصر يمكنك بسهولة أن تعثر على الناس الأكثر كلاما عن المساواة والعدل.. يمكنك أن تسمع هذا الكلام بتنويعات مختلفة، مرة على الطريقة الشعبية «كلنا ولاد تسعة وبنسعى»، ومرة على طريقة المثقفين «كلنا بشر وكلنا ضد العنصرية»، ومرة أخرى على طريقة الشيوخ «الناس سواسية كأسنان المشط الواحد لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى»، ومرة أخرى على طريقة المطحونين والغلابة «كلنا فى الهم واحد».
هذا ما تسمعه هنا فى مصر، كلام جميل وكلام معقول لا يقدر أى مجلس لحقوق الإنسان أن يقول حاجة عنه، ولكن ليس كل ما يقال على الورق وأمام الكاميرات هو الذى يحدث فى الواقع، وإلا فبماذا تفسر ما يحدث للمعاقين أو ذوى الاحتياجات الخاصة فى هذا البلد؟!
قبل أن تنتهى من قراءة تلك السطور أو تقرر كيف ستتعامل مع قضية المعاقين فى مصر، أو تسعى لتحليل مظاهراتهم الغاضبة، وقبل أن تسقط فى فخ الوقاحة الإنسانية كما فعل بعض المسؤولين أمام الكاميرات حينما اتهموهم بالمتاجرة بإعاقتهم.. توقف لحظة واعلم أننا نتكلم عن حوالى 12 مليون معاق وضعهم القدر فى خانة الظروف الخاصة إن شئنا أن يكون تعبيرنا دقيقا، وقررنا نحن فى مصر أن نعذبهم بهذا القرار لا أن نعينهم عليه كما يحدث فى جميع بلدان العالم المحترم.. أزمة المعاقين الحقيقية فى مصر لا تكمن خطورتها فى القوانين التى لا تمنحهم حقوقهم ولا فى الحكومات التى لم تقدم لهم الرعاية المستحقة، ولكن تكمن خطورتها فى أنها أزمة ثلاثية يشارك فى تضخيمها الحكومة وثقافة الشعب والبعض من المعاقين أنفسهم.
الدولة هنا ليست بمفردها فى خانة الإدانة، وإن كانت صحيفة ذنوبها أطول وأكبر، نحن أيضا شركاء لها فى هذا الاضطهاد المنظم بتلك الثقافة التى سيطرت على الشارع المصرى وجعلت أغلب السائرين به يتعاملون مع المعاق وكأنه عبء، فتنظر كل عائلة لفردها المعاق وكأنه سبة فى جبينها، ونتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة وكأن أماكنهم الطبيعية هى الدفن فى غرف مظلمة وكئيبة، إما بسبب تصور خاطئ لدينا بأننا نحميهم بذلك من الدنيا الصعبة، أو بسبب تصور آخر شرير وسيئ الخلق يوحى لنا بضرورة التخلص منهم ومن أعبائهم.
نحن ظلمناهم بل كنا أكثر ظلما لهم من الحكومة حينما حاول الكثيرون منا أن يسرقوا القليل من الحقوق التى منحتها لهم الدولة، ظلمناهم وسرقناهم حينما يهرول البعض منا للجلوس فى أماكنهم فى المواصلات والمصالح، وحينما يسرق البعض منهم مكان ركن السيارات المخصص لهم، وحينما يستخدمهم بعضنا للتحايل على القانون من أجل شراء سيارة أرخص سعرًا.. نحن ظلمناهم لأننا كنا نسعى لإقناعهم بأن إعاقتهم عجز يستلزم جلوسا فى البيت ولم نساعدهم فى التعامل مع الحياة بشكلها الطبيعى، وبعضهم أيضا ظلم الكل وظلم نفسه حينما استسلم لما فعله القدر وما فعلته الحكومة وما فعله الناس به وقرر أن يتقوقع داخل إعاقته، متخيلا أن العالم انتهى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
كيف نطلب من الحكومه المعاقه ان تنصف المعاقين - ياعزيزى عندنا 90 مليون معاق بدنى ونفسى
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
من اين تأتى الصحه - الهواء ملوث والماء ملوث والغذاء ملوث والبرلمان ملوث
والطبل شغال ليل ونهار
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
طيب واللى انتحروا من الغلابه والطلبه نقول عليهم ايه - الظاهر التضامن الاجتماعى تحول الى كشك سجاير
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
نقطنا بسكاتك
يا عم طير انت
دى سبوبة جديدة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
الإعلام والصهيونة إيد واحدة ضد مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد على باشا
محمد دسوقى
إنت عايز جنازة وتشبع فيها لطم