جنودنا عرسان زفوا إلى جنة الخلد، وسيصبر الله أهلهم وسيعوض ذويهم بلقائهم فى الجنة بإذن الله، أما الإرهاب فنهايته قادمة مهما تأخرت والإرهابيون لهم العذاب فى الدنيا والجحيم فى الآخرة، فعدل الله قادم لا محالة، فلم نعد نحتمل مشهد عودة الجنود والضباط من أراضى سيناء فى نعوش ملفوفة بعلم مصر بيد الغدر والجبن، فقد أصبح المشهد شديد القسوة والألم، والعجز الذى بداخلنا أصبح لا يحتمل، وكلمات التعازى والترحم لن تشفى غليلنا، ولكن فقط القصاص هو ما ننتظره ونتشوق إليه.
ولا أكتب هذه السطور لكى أحلل وأنظر وأوزع تهم التقصير هنا وهناك فلست خبيرا عسكريا ولا أملك معلومات كافية حتى أشكل رأيا محددا عن ذلك ولكن فقط أكتب لأعبر عما بداخلى من شعور بالحزن والأسى لاستمرار مثل هذه الجرائم والعمليات الإرهابية المتوحشة التى يضيع فيها أطهر دماء المصريين، والتى تصاعدت بشكل فج بعد يوم 3 يوليو 2013 بعد إعلان خريطة الطريق بعد نجاح ثورة 30 يوليو، ففى 5 يوليو تم مقتل رجلى شرطة برصاص أطلقه مسلحون مجهولون فى منطقة العبور بمدينة العريش «شمال سيناء». وفى 15 أغسطس مقتل 4 جنود وإصابة 5 آخرين فى هجوم مسلح نفذه مجهولون على نقطتى تفتيش «الصفا» و«السكر» على الطريق الدائرى بالعريش. 19 أغسطس قتل 25 جندياً من قوات الأمن المركزى «قوات مكافحة الشغب»، خلال استقلالهم لحافلتين بمنطقة «السادوت» بمدينة رفح، عقب هجوم مسلح، فيما عرف بـ«مذبحة رفح الثانية». وفى 20 نوفمبر 2013 مقتل 11 جنديا، وإصابة 35 آخرين بإصابات حرجة عقب تفجير سيارة لحافلة نقل جنود على طريق «رفح - العريش». ثم استمر هذا الوضع مع بداية عام 2014 ففى 26 يناير قتل أربعة جنود وأصيب 11 آخرون بعد إطلاق النار من مسلحين مجهولين على حافلة تحمل جنودا كانوا فى طريقهم إلى خارج سيناء. وفى 2 سبتمبر مقتل ضابط و10 جنود فى انفجار لغم أرضى فى قوة أمنية تستقل مدرعة لتفقد الحالة الأمنية بطريق الشيخ زويد - رفح «شمال سيناء». وفى 16 سبتمبر مقتل 6 من رجال الأمن وإصابة اثنين آخرين، جراء انفجار عبوة ناسفة زرعها مجهولون بجوار إحدى المدرعات على طريق رفح. وفى 19 أكتوبر الجارى أعلن عن مقتل 6 من عناصر الجيش وأصيب 5 آخرون جراء انفجار عبوة ناسفة جنوبى مدينة العريش. حتى الفاجعة الأخيرة فى 24 أكتوبر والتى استهدف مسلحون مجهولون نقطة تفتيش تابعة للجيش، بمنطقة «كرم القواديس» التابعة لمدينة الشيخ زويد؛ ما أسفر عن سقوط 30 قتيلا وأكثر من 28 مصابا، هذا كله بجانب العمليات الأخرى التى راح ضحيتها ضابط أو مجند بمفرده أو بصحبة آخر.
ومن هذا السرد فقط نستطيع أن نرى ويرى الجميع معى أن إدارة المعركة مع التكفيريين طوال الفترة الماضية لم تأت بالنتيجة المرجوة منها، ولم تكسر شوكة هؤلاء التكفيريين حتى الآن فنحن ندفع فى المقابل مزيدا من دماء خير أجناد الأرض، فلابد أن يكون هناك وقفة مع النفس والاعتراف بأن المراجعة واجبة والمساءلة والمكاشفة شىء صحى حتى تكون استجابة الشعب لدعوة الرئيس ليست فقط نابعة من إحساسهم بالخطر على بلدهم، ولكنها نابعة من وعى وفهم وإدراك وعندئذ لن يكون فقط الشعب داعما ولكن سيكون أيضا شريكا لدولته وجيشه وقواته المسلحة فى هذه المعركة الدامية القاسية.
أما نحن فللأسف حاليا لا نملك إلا الدعاء لمصر الوطن وجنودها بأن يحفظ الله لنا أرواحهم ويحفظ لنا مصرنا آمنة مستقرة وينتقم من هؤلاء القتلة المجرمين فى أقرب وقت ممكن فلم نعد نحتمل عمليات إرهابية جديدة، ولم نعد نحتمل دفع المزيد من الدماء الطاهرة، لذلك لابد أن يكون هناك حل نهائى لوقف هذا السيل من الدماء، لا أعرف الحل ولا أعرف كيف ولكن لابد أن يتواجد الحل فورا من قبل المسؤولين، وأؤكد أننى وكثيرين غيرى من المصريين لهم ملاحظات على الأداء السياسى والإعلامى الحالى، ولكننا فى نفس الوقت نقف بكل ما نملك وبكل ما بوسعنا لندعم الجيش المصرى فى تطهير سيناء من الإرهاب ونقف خلف الجيش المصرى فى مواجهة أى تهديدات خارجية أو داخلية تخطط وتنفذ عمليات إرهابية غادرة تستهدف أرواح جنود مصر الأبرار واصطفافنا خلف الجيش المصرى هو اصطفاف دائم ومستمر وغير مشروط وهذا الاصطفاف لا يتعارض ولن يتعارض أبدا وتحت أى ظرف كان مع دفاعنا عن الحريات والديمقراطية وحقوق المواطن المصرى. هذا بجانب تبرؤى الكامل من أى شخص وأى تصريحات تحمل أى نوع من الشماتة والعياذ بالله أو أى إهانة من أى شكل للجيش المصرى والقوات المسلحة المصرية، فأصبح الأمر حتميا الآن أن نعلن موقفنا بكل صراحة ووضوح فكفانا خلط الأوراق، ونوضح للجميع أننا فى كل الأحوال ندافع عن وطن وتراب وطن وشعب وطن ضد القمع وضد الإرهاب معا.. فالوطن هو الباقى إلى الأبد والأرواح زاهقة إلى بارئها.