بدأت أمس الكتابة عن المساعدات العربية لمصر أثناء حرب أكتوبر 1973، التى شملت جنودا وضباطا وأموالا ومعدات عسكرية، وسالت دماء شهداء منهم على أرضنا، وأواصل.
ذكرت أمس، أن الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات، رحمه الله، هو الذى قاد استخدام سلاح البترول أثناء الحرب، لكن الأستاذ المحترم خالد الشيخ علق مصححا بأن الذى استخدمه هو العاهل السعودى الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، ولربما دفع حياته ثمنا لذلك، ويضيف: «لعلنا نتذكر مقولته الشهيرة: عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن وسنعود لهما»، فضلا عن مساهمته فى بناء مدن القناة، وقدم معونات مالية سنوية كان لها أبلغ الأثر فى مواصلة حرب الاستنزاف، أما عن الشيخ زايد، فهو صاحب قرار رهن بترول دولة الإمارات لتوفير السلاح والقمح لمصر وقت الحرب، وساهم أيضا فى بناء مدن القناة والكثير من الخير والحب لشعب مصر.
وأضيف إلى هذا السجل المشرق، موقف الزعيم الجزائرى الراحل «هوارى بومدين» فور نكسة 5 يونيو 1967 والذى امتد حتى حرب أكتوبر، ففى 12 يونيو 1967 استقل طائرته وذهب إلى موسكو بنصيحة من جمال عبدالناصر، كانت الزيارة بعد أسبوع واحد من النكسة، وبدأت بإبلاغ «بومدين» للقيادة السوفيتية، بأنه لا يريد حفلات تكريم على غذاء أو عشاء، ولا مناسبات اجتماعية، وعلى مائدة الاجتماع، قال لهم: «أنا لم أجئ كى أتناول الغذاء أو العشاء، وإنما لأفهم»، فرد عليه سكرتير الحزب الشيوعى «بريجنيف»: «نفضل أن نسمع منك».
وحسب محضر الاجتماع الذى جاء فى كتاب «الانفجار» لـ«محمد حسنين هكيل»، سأل بومدين: «ما هى حدود الوفاق بينكم وبين الأمريكيين، أنتم تتصرفون بأقصى درجات الضعف، وهم يتصرفون بأقصى درجات القوة، فقاطعه رئيس الوزراء» كوسيجين: «نحن لا نتصرف بضعف»، فرد بومدين: «بل تتصرفون بمنتهى الضعف، وإذا كنتم تتصورون أننى جئت إلى هنا كى أجاملكم فإنى لن أفعل ذلك، والحقيقة أننا لسنا وحدنا الذين هزمنا، وإنما أنتم هزمتم فى نفس الوقت معنا بل قبلنا، لقد تركتم ما حدث يحدث دون رد فعل منكم إلا بالبيانات والمقالات».
تدخل بريجينف مناديا بومدين بالرفيق: «نحن لم نكتف بالبيانات والمقالات، وإنما قدمنا لأصدقائنا العرب ما يحتاجون إليه لكنهم لم يحسنوا استعماله»، وهنا فقد بومدين أعصابه قائلا «ليكن نحن لا نحسن غير أن نسوق الجمال ولا نعرف كيف نقود الطائرات الحديثة فتعالوا أنتم وأرونا ما تستطيعون عمله، معلوماتى أن السلاح الإسرائيلى كان متفوقا»، فرد كوسيجين: «حاولنا أن نستجيب لطلباتكم وقدمناها بأسعار مريحة، بل أنكم لم تسددوا حتى ربع تكاليف ما حصلتم عليه».
استبد الغضب بـ«بومدين»: «كنت أتخوف من مثل هذه الملاحظة ولهذا استعددت لها»، والتفت إلى وزير المالية طالبا منه تحويل مائة مليون دولار لصالح وزارة الدفاع السوفيتية، ثم أخرج الصك بالمبلغ، وكان يحتفظ به أمامه، فاحمر وجه كوسيجين قائلا: «لست تاجر سلاح حتى تعاملنى بالشيكات»، فرد بومدين: «أنا لم أبدأ، وإنما أنت الذى تحدثت عن ربع ونصف الثمن».