حرب اكتوبر يتم تدريسها حتى الآن فى عدد من المعاهد والأكاديميات العسكرية العالمية كنموذج للحرب التى غيرت وطورت فى مفاهيم ونظريات العلوم العسكرية، وحطمت أسطورة الجيش الذى لا يقهر والذى كان يعد أحد أقوى الجيوش فى العالم قبل حرب أكتوبر 73. أما فى مصر، فما زلنا نفتقر للطريقة والأسلوب الأمثل للتعامل مع الانتصار العسكرى الوحيد لمصر والعرب على الدولة الصهيونية منذ حرب 48 وتوثيق المعارك البطولية للجيش وأبطاله، حتى تحتفظ بها الذاكرة الشعبية وخاصة للأجيال الجديدة التى لم تشهد الحرب، ولم تعاصر أبطالها من القادة والجنود ولا يعرفون عنها سوى سطور قليلة فى المناهج الدراسية البائسة، وكأنها حرب دارت فى أقصى الأرض وليست على أرض مصرية ارتوت بدماء آلاف الجنود المصريين حتى حانت لحظة استعادتها بالعرق والدم.
وفى كل مناسبة لا يعرف أطفالنا وشبابنا عن أكتوبر 73 سوى أفلام ضعيفة المستوى، لا تمت للحرب بصلة حقيقية، اللهم إلا المشاهد الأرشيفية المعتادة للعبور والموسيقى العسكرية المصاحبة لها، ولا يعرفون من أبطال الحرب سوى الفنان محمود ياسين الذى قام ببطولة معظم أفلام تلك الفترة، باعتباره البطل الذى حارب العدو وعبر القناة 5مرات وهذا ليس ذنبه، مع تقديرنا واحترامنا للفنان الكبير. فى كل مناسبة للذكرى تنطلق المناشدات بكتابة تاريخ الحرب، وتوثيق البطولات ثم تمر الذكرى ولا يتم إنجاز شىء.
المسؤولية هنا تقع على عاتق القوات المسلحة وهيئة الشؤون المعنوية لإنجاز كتاب مبسط عن الحرب يتم تدريسه فى المناهج الدراسية، وخاصة للمراحل التعليمية حتى المرحلة الثانوية، مثل كتاب التربية القومية أو الوطنية لا تضاف درجاته إلى المجموع، والهدف هو الارتقاء بالوعى الوطنى وخلق الإحساس والشعور والانتماء الوطنى والقومى عند دراسة الحرب وتضحيات أبطالها.
لا يعقل أن العدو الصهيونى مازال يكشف عن أسرار جديدة عن الحرب ووثائق لجنة اجرانات التى وثقت الهزيمة النكراء لدولة الكيان باعترافات قادتها العسكريين، ونحن لا نملك شيئا موثقا ومعتمدا لإذاعته ونشره وتدريسه للأجيال الجديدة.
لن أتحدث عن السينما ومجالات الإبداع الأخرى العاجزة حتى الآن عن تجسيد هذا الانتصار العظيم للجيش والشعب فى 73 فى أعمال سينمائية وروائية حقيقية، وكل ما أطلبه من الفريق صدقى صبحى هو تكليف لجنة عسكرية بإنجاز كتاب مبسط لتوثيق الحرب وتدريسه لطلبة المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية حتى لا يضيع تاريخنا ونسلم عقول أبنائنا لكل من يحاول تخريبها وتشويه أفكارها.