فى برنامجه «صوت القاهرة»، قدم الإعلامى أحمد المسلمانى يوم الأربعاء الماضى قصة طريفة حدثت فى اليمن أثناء ثورة شعبه ضد على عبدالله صالح ونظامه، وهى قيام اللواء على محسن صالح الأحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع والمنطقة الشمالية الشرقية العسكرية، بإعلان تأييده للثورة وانضمامه إلى صفوفها يوم 21 مارس 2013، وذلك على الرغم من اتهام العديد من اليمنيين له بالفساد، باستيلائه على قطاعات واسعة من الأراضى المملوكة للدولة وللمواطنين فى الحديدة، وعدن، وحضرموت، وصنعاء، فى حين يبرئه آخرون استنادًا إلى أنه لم يكن سوى أداة لنظام «صالح»، وبين هذا وذاك دارت الواقعة الطريفة.
كان فى اليمن شاب يقلد صوت «على عبدالله صالح» بدرجة لا يمكن معها تمييز الأصل من التقليد، وكان يفعل ذلك فى سهرات يمنية، وفكر «الأحمر» فكرة جهنمية، وهى استدعاء هذا الشاب أثناء فوران غضب الشعب اليمنى، وإقناعه بالقيام بتسجيل صوتى بصوت على عبدالله صالح، على أنه نداء أو أوامر من «الرئيس» إلى أنصاره: «اقتلوا، اقتلوا، لا ترحموا»، بالإضافة إلى كلمات أخرى تشمل تحريضًا لا لبس فيه لأنصاره ضد خصومه، وتهدد اليمن بحرب أهلية شاملة.
أنجز الشاب «المقلد» مهمته، لكن استثمارها كان فى يد «الأحمر»، حيث أعلن أن فرقته العسكرية «الفرقة الأولى مدرع» تمكنت من التقاط نداء «صالح» حيث كان يوجهه سريًا إلى رجاله الذين يديرون دفة الأوضاع ضد الثورة التى سيطرت عليها جماعة الإخوان، وأنه أمام ما يفعله «صالح» يعلن انضمامه إلى الثورة. وقال فى بيان له: «نزولًا على رغبة زملائى وأبنائى فى المنطقة العسكرية الشمالية الغربية والفرقة الأولى المدرعة، وأنا واحد منهم، أعلن نيابة عنهم دعمنا وتأييدنا لثورة الشباب السلمية، وسنؤدى واجباتنا غير منقوصة فى حفظ الأمن والاستقرار».
التسجيل «المضروب» تمت إذاعته عن طريق قناة «الجزيرة» التى قامت بتغطية واسعة عنه، شملت ردود فعل اليمنيين، وتقديم التحليلات حول مستقبل الثورة فى ظل هذا التحول الخطير الذى لم يقتصر على ما جاء فى التسجيل، إنما قيام «الفرقة الأولى مدرع» بالانضمام إلى الثورة.
ظل هذا الأمر سرًا لا يعرفه أحد، حتى قام الشاب الذى قلد صوت «صالح» بالكشف عنه عن طريق لقاء معه فى التليفزيون اليمنى، وتحدث فيه بالتفصيل عن كيفية قيامه بهذه المهمة «الخبيثة»، وتحدث عن مراحلها، مؤكدًا أن «الأحمر» هو الذى استدعاه وأقنعه بتنفيذها واستخدامها كما حدث، وتحدث الشاب نادمًا مما حدث.
هذه القصة على الرغم من طرافتها، فإن هناك بالتأكيد من سيوظفها فى سياق أنها هى السبب فى تفجير الأوضاع فى اليمن إلى الدرجة التى وصلت إليها الآن، وهذا بالطبع تسطيح للأمور، فسوء الأوضاع فى اليمن كان يقود حتميًا إلى الانفجار، سواء تمت حيلة «الأحمر» أم لا.
وبالطبع لا مجال لالتقاط هذه القصة فى مصر من رجال مبارك وأنصاره والبحث عن شبيه لها، وتوظيفها لصالح خرافة أن ثورة 25 يناير مؤامرة، هناك من سيفعل ذلك.