اختيار الرئيس السيسى للسيدة فايزة أبوالنجا كمستشارة لشؤون الأمن القومى واللواء أحمد جمال الدين لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب الداخلى، يعكس حرص الرئيس على تحقيق مطلب مهم للمهتمين والمتخصصين فى القضايا السياسية الداخلية وهو ضرورة الإسراع فى عملية بناء مؤسسة الرئاسة باختيار أعضاء المكتب الرئاسى بكل تنوعاته ووظائفه الحيوية وملفاته الضرورية فى الخارج والداخل، وهو المسؤول أمام الشعب عن هذه الخيارات وأداء واجباتها على أكمل وجه. ولن نلتفت إلى محاولات الفرز السياسى الطفولى والمراهق وتصنيف المسؤول بمقياس زمنى قبل أو بعد 25 يناير أو مقياس النظام القديم والنظام الجديد الذى تجاوزته المرحلة وتحدياتها. المهم فى الاختيار هو الكفاءة والخبرة والأداء السياسى المتميز والعمل وبذل الجهد للمصلحة الوطنية أولا، وإلا اعتبرنا بهذا المنطق المعوج - مثلا - داهية السياسة الأمريكية الدكتور هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأسبق هو رجل كل العصور منذ بدايات السبعينيات وحتى الآن، من إدارة نيكسون وحتى إدارة أوباما، فالرجل مازال له دوره الاستشارى المهم للإدارة الأمريكية ورأينا ذلك فى لقائه بالرئيس السيسى على هامش اجتماعات نيويورك الأخيرة، ولم يخرج النشطاء الأمريكان بالكوفيات الملونة حول الرقبة لمهاجمة إدارة أوباما الديمقراطية لمحاولة إعادة «النظام الأمريكى القديم» الذى خاض حروبا فاشلة حول العالم فى تلك الفترة. والأمثلة كثيرة عالميا ومحليا ولا مجال للتذكير بها هنا الآن على الأقل.
بطبيعة الحال الرئيس مسؤول عن هذه الاختيارات والحساب فى النهاية على مجمل الأداء، وحسنا فعل بالبدء فى اختيار مستشاريه ولا يتبقى إلا أن يسارع الرئيس باختيار مستشاريه للشؤون السياسية القادرين على إبراز الوجه السياسى لمؤسسة الرئاسة والقدرة على التعاطى مع الملف السياسى الداخلى ومكوناته من الأحزاب والقوى الوطنية والشبابية وإزالة حالة الالتباس لدى البعض بشأن موقف الرئيس من الأحزاب ومجمل المشهد السياسى الداخلى الذى يحتاج إلى درجة كبيرة من الوضوح ومجهود أكبر من تجسير الفجوة البادية ظاهريا وإنهاء حالة الجفاء المستتر حتى الآن - على الأقل - بين مؤسسة الرئاسة أو بينه بشكل شخصى وبين الأحزاب وباقى القوى الوطنية من تحالف 25 يناير و30 يونيو. لم يتبق من لقاءات الرئيس سوى اللقاء بالأحزاب والقوى السياسية والشبابية لتبادل الآراء والمصارحة والمكاشفة بهدف تمتين الجبهة الداخلية سياسيا. ولعل اللقاء قد يكون قريبا.