لم أكن أعرف حتى اليوم فقط أن الرئيس المعزول دخل الموسوعات العالمية، وحطم الأرقام القياسية متجاوزا جميع الموظفين العموميين منذ اخترع الفراعنة دواوين الدولة، وحتى عصر الحكومة الإلكترونية. فقد استطاع طويل العمر يطول عمره أن يتشبث بوظيفته فى جامعة الزقازيق، ولا تشبث محمود المليجى بأرضه فى رائعة يوسف شاهين «الأرض».
الرجل شغل موقع رئيس حزب الحرية والعدالة، وظل فى موقعه كعضو هيئة تدريس بكلية الهندسة جامعة الزقازيق، وترشح للرئاسة فى الانتخابات إياها، وهو عضو هيئة تدريس يحاضر الطلاب، وجلس على كرسى الحكم ليمضى بالبلد كلها إلى منحدر غير مسبوق، ومع ذلك ظل يجمع بين وظيفتيه كرئيس للجمهورية وعضو هيئة تدريس، يشرف على الرسائل العلمية، وحتى عندما خرجت ضده المظاهرات الحاشدة تطالبه بالرحيل، ظل متشبثا بوظيفته، وبعد أن تم عزله ووضعه قيد الإقامة الجبرية، ظل أيضا يمارس وظيفته باعتباره اللهو الخفى أو الرجل الحديدى.
وحتى أثناء محاكماته فى قضايا التخابر والإفساد وقتل المتظاهرين، ظل الرجل مخلصا فى أداء عمله الوظيفى، محاضرا بكلية الهندسة، ومشرفا على الرسائل العلمية - هكذا تقول الأوراق الرسمية بجامعة الزقازيق- من داخل زنزانته بسجن برج العرب، أو فى الساعات التى يقضيها فى قفصه الزجاجى داخل المحكمة، وكم استفاد الطلاب وطلاب الدراسات العليا من علمه اللدنى، وأبحاثه العلمية فى علم الفلزات المنشورة فى كبرى الدوريات العلمية المحكمة.
إدارة جامعة الزقازيق لم تكتشف أن مرسى تولى الرئاسة، وخرجت ضده المظاهرات وانعزل وتتم محاكمته على ذمة نصف دستة من القضايا، إلا الأسبوع الماضى فقط، تصوروا، نعم والله هذا ماحدث، وخلال كل هذه الفترة الطويلة، كان على قوتها أستاذا ومشرفا على الدراسات العليا، والحجة التى تتذرع بها جامعة الزقازيق أن مرسى لم يصدر ضده حكم قضائى بعد.
ياسلام، وهل يجيز له القانون، أن يجمع بين وظيفتين؟ وهل يجيز له القانون أن يظل ضمن هيئة التدريس ومشرفا على الدراسات العليا، رغم اتهامه فى القضايا الكبرى التى تمس الأمن القومى؟ وما موقف طلاب الدراسات العليا الذين يخضعون لإشراف المعزول؟ هل كانوا يتابعون معه أبحاثهم تحت سمع وبصر إدارة الجامعة، أم أن الطرمخة والتعريض هما الغالبان على تسيير الأمور بالجامعة المذكورة؟ وبعد ذلك نتساءل كيف يدخل الإخوان الأسلحة والمولوتوف والصيع والبلطجية لإثارة الشغب وارتكاب أعمال العنف بالحرم الجامعى!